ظاهرة الكتابة على الجدران وأسوار المدينة: تشويه للتراث وغياب للوعي

في السنوات الأخيرة، أصبحت الكتابة على الجدران ظاهرة مقلقة تنتشر في العديد من المدن المغربية و وخصوصا مع تطور وسائل الكتابة والصباغات، خاصة على أسوار المؤسسات العمومية والمعالم التاريخية. فبدلاً من أن تبقى هذه الجدران شاهدة على التاريخ والجمال المعماري، تحوّلت إلى مساحات ملوثة بصريًا مليئة بالشعارات، العبارات العشوائية، والرسوم غير اللائقة. ولم يقتصر الامر على الجدران بل ان ابواب المساجد وبعض جدرانها لم تسلم من ذلك .

ويعتبرها المهتمون بالمدينة وتراثها جريمة في حق التراث ،فهذه الظاهرة تمثل شكلًا من أشكال الاعتداء على التراث الحضاري والمعماري، خصوصًا عندما تطال الكتابات المباني التاريخية والأسوار القديمة التي ترمز لهوية المدينة وذاكرتها الجماعية. تشويه هذه المعالم يطمس ملامحها الأصلية، ويقلل من قيمتها الجمالية والثقافية، ويؤثر سلبًا على السياحة، بل ويُفقد الأجيال القادمة جزءًا من إرثها الحضاري.

وتعود هذه الظاهرة إلى عدة عوامل متداخلة، منها:ضعف الوعي الثقافي والجمالي لدى بعض فئات الشباب. غياب الرقابة والصرامة في تطبيق القوانين الزجرية.الرغبة في التعبير العشوائي أو الاحتجاج بطرق غير حضارية. وفي بعض أحيان، تكون وسيلة لترويج أفكار متطرفة أو رسائل مجهولة.

وتترك هذه الظاهرة اثارا سلبية فلا تقتصر آثار الكتابة على الجدران على تشويه المظهر العام للمدينة، بل تمتد لتشمل:الإضرار بالهوية البصرية للفضاء الحضري.تشجيع سلوكيات التخريب والفوضى. وتقليل الإحساس بالانتماء للمكان نتيجة فقدان الجمالية والنظام.

وفي هذالصدد تكلف الظاهرة تكاليف مالية كبيرة تخصصها البلديات والجماعات المحلية سنويًا لإزالة هذه الكتابات.

ولمواجهة هذه الظاهرة، من الضروري لا بد من اعتماد مقاربة شاملة تشمل:
تحسيس الشباب من خلال المدارس ووسائل الإعلام حول أهمية الحفاظ على نظافة الفضاء العام. وتشجيع الفن الحضري الراقي (Street Art) ضمن أماكن مخصصة، لتحويل طاقة التعبير إلى إبداع بدل التخريب مع تشديد العقوبات والغرامات ضد من يسيء للمجال العام. وإشراك المجتمع المدني في حماية التراث المحلي وتحقيق المواطنة الجمالية.

ان الكتابة العشوائية على الجدران تُعدّ ظاهرة سلبية تُفرغ الفضاءات العامة من معانيها الجمالية، وتشوه الذاكرة المعمارية والثقافية للمدن. وبينما يعدّ التعبير عن الرأي حقًا مشروعًا، فإنه يجب أن يتم في إطار حضاري يحترم الجمال العام ويحافظ على التراث كمسؤولية جماعية.