“.
مراسلون 24 – ع. عسول
بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل نظمت مؤسسة الفقيه التطواني يوم السبت 24 يونيو الجاري ؛ الدورة الخامسة لملتقى المبدعين الشباب في موضوع ” الكاتب والناشر أية علاقة؟”.
وتميزت هذه الدورة التي سهر على تسيير أشغالها الكاتبة لطيفة باقا ورئيس المؤسسة بوبكر التطواني ؛ تميزت الدورة بمداخلات كل من الكاتب أحمد الكبيري ؛ الروائي عبد الواحد ستيتو ؛ الناشر أحمد البقالي والأستاذة حميدة بن يعقوب عن وزارة الثقافة والشباب والتواصل .
الروائي أحمد الكبيري أكد أنه اختار النشر على نفقته ؛ بعدما وجد نفسه أمام خيارين ؛ إما دفع الكتاب لجهة أخرى للنشر ؛ أو لوزارة الثقافة؛أو اتحاد كتاب المغرب ؛ وانتظار مصيره..لكن للأسف كانت هناك تجارب محبطة في هذا الاتجاه …حيث قام بنشر كتابه الأول ” مصابيح منطفئة ” الذي اعتبره بمثابة فرحة طفله الأول ؛ لكن يبقى إشكال التوزيع وصعوباته .
أما روايته “مقابر مشتعلة” التي ترجمت للغة الصينية ؛ فقال أنه كان مضطرا للتعامل مع دار نشر مصرية “بيت الحكمة”..وبعدها كتب رواية أرصفة دافئة ورواية كلاي …
وأضاف الكبيري أنه من المفروض أن تكون هناك علاقة متكافئة بين الكاتب والناشر ؛ ويكون عقد قانوني واضح ؛ لكن للأسف نجد هذه العلاقة يشوبها التوتر والتشنج؛ وهذا يحيل على الشروط العامة التي ينتج فيها الكتاب .
وأكد المتحدث أنه يجب التمييز بين مهنة الناشر التي أساسها الربح لضمان استمرارية مقاولته ؛ وتخضع لمنطق السوق والتجارة ؛ أي انتاج الكتب وتوزيعها على القراء ..فيما الكاتب له غايات أخرى ؛ كرغبة التأثير في الجمهور ؛ حلم تقاسم تجاربه ومعاناته ؛من خلال مؤلفه ؛ مع الآخر داخل وخارج الوطن ؛ أو البحث عن النجاح والإبداع عموما .
وسجل الكبيري أن العلاقة بين الكاتب والناشر وجب أن يحكمها القانون الذي يضمن حقوق الطرفين ..وبالنسبة له تعج هذ العلاقة بعقود تتأسس إما على الثقة أو الإذعان..ويكون فيها غالبا الكاتب الحلقة الأضعف؛ حسب طبيعة الطرفين ؛ فيما يجد الكاتب المبتدئ نفسه فريسة وضع مختل للنشر.
أيضا تطرق المتدخل لإكراهات أخرى للنشر ؛ منها كلفة التوزيع التي تقارب 50% ؛ تضاف لها كلفة المرجوعات ؛ مقرا أن دورة التوزيع ثقيلة .
أما بخصوص دعم الوزارة الوصية ؛ منذ مبادرة الوزير الأشعري ؛ فليس هناك آليات لتتبع العلاقة بين الكاتب والناشر للوقوف على مدى احترام دفتر التحملات.
من جهته سجل الناشر أحمد البقالي ( عن مكتبة بين الحكمة بتطوان ودار النشر باب الحكمة) ؛ ماذا لو طرحنا سؤال العلاقة بين “الكاتب والناشر” في الواقع الأوروبي ؛ فسنجد اختصاصات كل منهما محددة بضوابط وقوانين معمول بها؛ لكنها في الواقع المغربي ملتبسة وغامصة؛ فقد نجد الكاتب ناشرا والناشر بائعا وموزعا وحاضرا في المعارض لعرض بضاعته..وهي حالة تنسحب على العالم العربي؛ رغم أن للناشر والموزع مجالات منفصلة ؛ ورغم أن المكان الطبيعي لبيع الكتاب هو المكتبة ؛ ووظيفة الناشر هي إنتاج الكتب والبحث عن مخطوطات جادة في مجالات مختلفة لطبعها وتسليمها للموزع ..ولكن يضيف البقالي حينما تختل حلقة ( الكتاب؛ الناشر؛ الموزع القارئ) تختل دينامية انتاج الثقافة عموما .
وأعطى المتحدث لمحة تاريخية عن ظهور الطبع وحركة التأليف ودور النشر بالمغرب ،حيث أن ذلك تم حديثا؛ وكانت أول رواية ظهرت سنة 1942 ” الزاوية” كسيرة ذاتية للتهامي الوزاني.
واستنتج نفس المصدر أن تأخر الطبع والتأليف نتج عنه تأخر دور النشر كذلك ؛ حيث أنه بعد 60 سنة تلت الإستقلال ؛ شهد مجال النشر بالمغرب تطورا على مرحلتين ؛ من 1955 الى 1984 ؛ كان الكتاب حكرا على فئة قليلة من القراء ؛ وسيتأخر ظهور دور النشر بمفهومها الحديث إلى أواسط الثمانينات ؛ خصوصا مع التجربة الرائدة ” دار توبقال” لبنيس وعبدالجليل الناظم ؛ وأيضا ” دار الفينيك سنة 1987.
ومع تطور الانتاج المغربي بشكل ملحوظ أواخر سنوات 80 و 90 ؛ ليصل إلى قراء مشارقة مثل مؤلفات عابد الجابري؛ أصبحت دور النشر منشغلة بحضور معارض بالخليج والمشرق.وسجل البقالي أنه مما سبق يبرز أن حركة النشر والتأليف حديثة بالمغرب ؛ وأيضا مهنة الناشر كما الرواية والقصة القصيرة ؛ وعموم الابداعات ؛ مشددا على أن للكاتب والناشر نفس الهموم.
ونبه المتحدث الى خطورة ظاهرة قرصنة الكتب وآثارها السيئة ؛ مما يدفع الناشر لتقليص عدد نسخ الكتب المطبوعة..وخلص أن هناك تغيرا في صناعة الكتاب بالمغرب ؛ وأن تطوير هذا المجال الثقافي يتطلب تظافر جهود الجميع ؛ مجتمعا وحكومة ؛ وأن أولى الأولويات هو تطوير الحلقة الأضعف ( القارئ)..
الروائي عبدالواحد ستيتو توقف على تجربته المتفردة في “الرواية الفايسبوكية” بفعل علاقته المبكرة بالانترنيت والحاسوب؛ حيث شكل حادث تقني تمثل في انقطاع الكهرباء وضياع نص قصصي من حاسوبه؛ شكل هذا الحادث حافزا لكتابة قصة قصيرة عنه ؛ وضمنها في مجموعة قصصية تحت إسم” هروب” وتوجت بجائزة لاتحاد كتاب المغرب في 2005..تم طبعها وتسلمت 50 نسخة منها ولم أعرف مصير التوزيع ؛يقول ستيتو..
وشدد المتحدث الذي يعد من رواد الأدب الرقمي العربي؛ أن ما يؤرقه أكثر هو الانشغال بوجود قراء لكتاباته ؛ حيث اكتشفت أن لذيه 5000 قارئ ومتتبع ؛ ولما كتب قصة غير مكتملة تلقى دعوة قرائه لإتمامها ؛ مما شكل حافزا قويا له ؛ ليدخل مغامرة كتابة فصول روايته الفايسبوكية عبر مراحل تشويقية وتفاعلية مع المتتبعين ؛ الذين أصبح لهم رأي في الأحداث ومصير الشخصيات وتصميم الرواية بل تصحيحها؛ لتتوج المغامرة الابداعية الفيسبوكية برواية ” على بعد مليمتر واحد فقط أو زهرليزا” .
وفي اعتقاد ستيتو أن على الكاتب أن لا ينتظر الربح من كتاباته ؛ بل أن تقوم المؤسسات الوصية بالطبع والتوزيع وتسلم للكاتب حقوقه المادية..
وسجل المصدر أنه تفاجأ سنة 2018 باتصال من مؤسسة الفكر العربي بدبي تخبره بنيل جائزة الابداع الأدبي ؛ مما حفزه أكثر على كتابة روايات أخرى ؛ مثل” المتشرد ” و ” الديبة ” و” في حضرتها” وكان النشر على نفقته ؛ معتبرا أنه للأسف شروط النشر الحالية مجحفة ..مختتما بالامكانية المهمة التي يتيحها موقع أمازون للنشر الذاتي ؛ مما يشكل حافزا للشباب المبدع للإستمرار في الكتابة بمحتوى جيد ؛ وهو يشتغل حاليا على “تطبيق الكتروني للكتابة الروائية” يمكن من التفاعل بين القارئ و الكاتب…
حميدة بن يعقوب ممثلة عن وزارة الثقافة ؛ تحدتث عن مشاريع الوزارة في مجال دعم وتشجيع الكتاب والنشر ..
وذكرت بمبادرة الوزير الأشعري سنة 2000؛ التي همت دعم الكاتب بصفة خاصة ؛ من خلال طبع الأعمال الكاملة لعدد من الكتاب والاهتمام بتجربة الكتاب الأول ؛ حيث كانت الوزارة هي من تتكلف بالنشر عبر دار النشر المناهل؛ وتؤدى للكاتب حقوقه ويتم الترويج للمؤلف من خلال النشر والتوزبع والمشاركة في المعارض داخل وخارج الوطن.
في 2014 تقول المتحدثة ؛ دخل المغرب تجربة الصناعة الثقافية بدءا من الكاتب إلى القارئ؛ بدعم 8 مجالات( المجلات الورقية والالكترونية؛ الكتاب؛ مكتبات البيع؛ الكتب المتخصصة في ذوي الإحتياجات الخاصة …) ؛ ورغم أن هذه التجربة أفرزت دور نشر صاعدة واحترافية؛ لكن ظهرت إكراهات تمثلت في أن الحلقة الأضعف بقيت هي الكاتب من خلال عقود ضعيفة وأحيانا مزورة !!
مما اضطر الوزارة إلى طرح نموذج عقد لضمان حقوق المؤلف؛ بمنحه 50 نسخة و10 % من المبيعات والمصادقة على التوقيعات..ورغم ذلك برزت صعوبة التحقق من الإيرادات ..
وسجلت بن يعقوب أن العقد بين الكاتب والناشر خلف حالات عرفت مشاكل ونزاعات وصلت لردهات المحاكم؛ قبل أن تتم الدعوة و الضغط لتحرير العقد وجعله حرا بين الكاتب والناشر تحت مقولة ” أن العقد شريعة المتعاقدين”..
واستعرضت ممثلة الوزارة الوصية الأهداف من وراء الدعم المخصص للنشر والكتاب؛ التي تمتلث في تطوير قدرات المنتجين الثقافيين على الانتاج بشكل منتظم؛ تقوية حضور المنتجين المغاربة في المعارض الخارجية للتعريف بالكتب والمؤلفين المغاربة؛ تطوير الإنتاج الثقافي ؛ هيكلة دور النشر وعصرنتها ..
لكن للأسف كانت هناك إكراهات حالت وتحول دون بلوغ هذه الأهداف؛ حيث أن هيكلة دور النشر اصطدم بوجود مؤسسات نشر يعوزها التحديث في هيكلتها مقابل قلة من دور النشر الناجحة.
من جانب آخر أبانت مناقشة “العلاقة بين الكاتب والناشر والموزع” ؛ عن وجهات نظر مختلفة وأحيانا متبانية ؛ بين من ينتصر للنشر على نفقة الكاتب تفاديا للشروط المجحفة ؛ أو عبر اللجوء لدور النشر إذا ما توفرت ظروف ملائمة؛ فيما تبقى صعوبات تواجه الكاتب المبتدئ ؛ رغم أن الكاتب هو أصل دينامية الإنتاج والنشر .
كما تم الحديث عن ضرورة تشجيع القراءة عبر تخفيض أثمنة الكتاب وضمان نسبة بالمجان ؛ وخوض غمار النشر الرقمي .
ومن النقط الجميلة التي عرفتها الدورة الخامسة لملتقى المبدعين الشباب؛ إعلان رئيس مؤسسة الفقيه التطواني عن تنظيم قراءة شهرية لكتاب ابتداء من شتنبر القادم بحضور كاتبه ومبدعين وقراء وذلك لتشجيع فعل القراءة والتعريف بالإبداع المغربي وغيره ..
من ناحية أخرى ؛ شهدت الدورة الخامسة للملتقى مشاركة المبدعين الشباب ؛ سليمان الدريسي؛سارة بن حرة؛ أريناس موحتاين؛ هشام فؤاد كوغلت؛حياة بوترفاس وإلهام ملهبي ؛ الذين تحدثوا عن تجربتهم الإبداعية وبداياتهم مع الكتابة الأدبية وألقوا نتفات من انتاجاتهم الابداعية شعرا وقصة قصيرة منها باللغة العربية والأمازيغية.