مراسلون 24 – ع. عسول
أصدر الكاتب والإعلامي عبدالعزيز كوكاس طبعة مزيدة ومنقحة جديدة لكتابه القيم ” جبهة
البوليساريو ..الصعود نحو الهاوية”…
الطبعة الثالثة الجديدة ؛ ضمنها الكاتب العديد من المستجدات المتسارعة التي عرفتها قضية وحدتنا الترابية ؛أهمها الحدث الفاصل لتحرير المغرب لمعبر الكركرات؛ وأيضا التقديم الذي خص به الكتاب الديبلوماسي والسفير المغربي محمد ماء العينين ؛ الذي خبر نشأة ومنعرجات حركة البوليساريو في الحرب والسلم.
“القيمة الفكرية لكتاب الأستاذ عبد العزيز كوكاس “البوليساريو.. الصعود نحو الهاوية” تجعله مختلفا تماما عن الأدبيات الكثيرة التي أغرقت المكتبات والخزانات في موضوع النزاع الإقليمي حول صحرائنا المغربية، إنه بحق نموذج جديد ومقاربة غير مسبوقة..
لقد تحاشى الكاتب عن قصد الخوض في التاريخ البعيد وتحاشى مناقشة أطروحات خصوم الوحدة الترابية أو استدلالات المغرب على حقوقه في إثبات ارتباط الأقاليم الصحراوية بالوطن الأب المملكة المغربية.. وقام بمجهود غريب، يحاكي عمليات التشريح الطبي الدقيق التي يقوم بها الأساتذة الكبار لمعالجة خلايا الدماغ البشري والأنسجة الدقيقة. إنه لم يذهب بعيدا في التاريخ بل اعتمد بالأساس المواقف والأحداث المفصلية ما بين سنة 1970 وسنة 1973 وهي جزء من التاريخ الحديث”. ف”بأسلوبه السلس، قام الأستاذ كوكاس بتشريح دقيق لما تم بين المغرب والجزائر وموريتانيا وإسبانيا من اتصالات ومواقف وتصريحات من جهة، وما كان يُعتمل بالجامعة المغربية وبالعيون التي عرفت آنذاك انتفاضة “حي الزملة”، وما تراكم من وقائع مفصلية وسمت جزءا مهما من تاريخ الصراع في المنطقة”..
بهذا التقديم الذي وشح به السفير المغربي محمد ماء العينين، ابن الصحراء الخبير بجغرافيا رمالها المتحركة التي ظل في قلب التباساتها، الطبعة الثالثة لكتاب الإعلامي والكاتب عبد العزيز كوكاس الصادر حديثا عن دار منشورات النورس، ينفتح كتاب “جبهة بوليساريو: الصعود نحو الهاوية”، فببراعته المعهودة في كتاباته، عرف الكاتب كوكاس كيف يشبك بطريقة فائقة الذكاء بين ما يبدو وقائع منفصلة وبين الأطروحة التي يقدمها في هذا الكتاب برؤية مغايرة”، لمسار جبهة بوليساريو، حيث يورد معطيات دقيقة صادرة عن مؤسسين للجبهة أو عن فاعلين دوليين، ويقرأ وثائق إسبانية ومذكرات ويوميات مسؤولين بارزين بالمغرب وموريتانيا والجزائر وفرنسا.. ليرسم حقيقة جبهة بوليساريو.
يقول المؤلف في تصديره للطبعة الثالثة لكتابه: “في قضية الصحراء، اكتشفت أن المغرب هو ضحية النظر إليه من بعيد، ما يصاغ عن الوحدة الترابية للمملكة، هو وجهة نظر الأجانب وتصوراتهم عن واقع لا يُقيمون فيه، ولا يسكنون لغته ورموزه وإشاراته، أنتجوا “مغربا” صنعوه، وأضحينا نستشهد باللغة التي فُهم بها المغرب الذي نسكنه ويسكننا.. إما مغرب سياحي بارد أشبه بصور البطائق البريدية منمق مثل الصفحات الإشهارية، وإما مغرب بعيد قادم من بدائية ضاربة في التاريخ، منشطر على ذاته، متناقض مع مكوناته.. وقضية الوحدة الترابية، لم تسلم من هذه الرؤية، هل نظر المجتمع الدولي إلى المغرب كما هو، المغرب ليس مترجما؟ ألم يؤد المغرب ضريبة كسل اللغة القانونية الدولية، لأنها لم تعرف رابطة اسمها البيعة ولا الدعاء لأمير المؤمنين في المساجد، ولا فض النزاعات وإصدار الأحكام باسم عرش المملكة، ولا الامتداد الثقافي العميق، وبنية السلوكات الإجتماعية وتقاطع التمثلات والتصورات والطقوس والتقاليد بين مركز المغرب وأطرافه؟ إن التاريخ لا يمنح امتيازا للمستكينين إلى القناعات الكسولة، كانوا في هذا الاتجاه أو ذاك، لكن من خلال النظر إلى ما وقع بالصحراء حقيقة، برغم جرد كل الأخطاء، فإن جهدا تنمويا كبيرا وقع بأقاليمنا الجنوبية، وتبدو المنطقة واعدة لتحقيق مصالحات كبرى مع أبناء أمتنا وإخوان من أسرنا في الجهة الأخرى ومن خلاله مع هذا الامتداد في العمق الإفريقي، لكن الأمر يحتاج إلى شجاعة أخلاقية كبرى، تزيل وشم وآثار الجراح المتراكمة بالمنطقة، وضمن كل الحلول الواقعية الممكنة والمنصفة، يعتبر مشروع الحكم الذاتي الحل الأقل سوءا”..
يقدم الكتاب قراءة مغايرة عن المعتاد في كيف تحولت بوليساريو من حركة تحررية بأطر مغربية جلها درست في الجامعات المغربية وانحدر العديد منها من جنود آباء مقاومي “جيش التحرير”، إلى حركة انفصالية في لحظة دقيقة من تحرير المغرب للصحراء؟ من هي الأطراف الحقيقية في أزمة الصحراء الغربية؟؛ “بوليساريو الداخل” هل هو حقيقة أم مجرد صناعة إعلامية؟ ؛ما العلاقة بين “بوليساريو الداخل” وبوليساريو الخارج؟ كيف يؤدي المغرب فاتورة كسل القانون الدولي في تحديد مفاهيم الوحدة وتقرير المصير؟… وأسئلة كثيرة يحاول هذا الكتاب مقاربتها من خلال وثائق ووقائع وأحداث، مواقف وتصريحات.