هشام العصادي
كرنفال من الأزبال والروائح النتنة يحبل بها السوق المركزي بسلا المدينة وتشد إليها زوار هذا الفضاء التاريخي المتميز٬ الذي يقاوم عوادي الزمن منذ عقود وتخلف الجهات المعنية عن مد يد العون لتراجع مستواه .
تتغير الفصول وتتبدل الأحوال ويبقى زبناء هذا السوق٬ الذي يعود إلى أربعينيات القرن الماضي بحسب مصادر صفحة سلا مدينتي أوفياء للمكان الذي يظل وجهة للتسوق بامتياز٬ والذي اعتادوا عليه يوميا للتبضع٬ لمعروضاته حتى أن البعض يرى في هذه البناية محجا يوميا لا محيد عنه.
منذ عهد طويل سمحت أبوابه الأربعة المبنية بطراز عربي موريسكي٬ لزواره بولوج هذا الفضاء٬ والتجول بين جنباته٬ والتأمل في أعمدته التي رصت بذكاء لرفع سقفه٬ فيما تراجع اليوم كل شيئ وأضحى النمط الفوضوي هو النهج الذي ذأب تجاره على نهجه مؤخرا و تجاوز الحيز المخصص لهم.
ويتذكر بائعوا السمك٬ اللحظات الجميلة التي عاشوها داخل هذا السوق٬ مضيفين أن ” كل من كان يرغب في تبضع السمك كان يأتي إلى السوق المركزي٬ أما اليوم تجد السمك يباع في كل مكان وعلى قارعة الطريق دون احترام لقواعد النظافة والمراقبة”.
بحسرة كبيرة يتحدث رواد هذا السوق عن تبدل أحواله الذي لم يعد يتردد عليه سكان المدينة كما كانوا عليه الحال في ما مضى٬ حين كان الناس يقبلون على محلات هذا السوق المتنوعة٬ الذي تراجع مستواه بشكل مهول و انعدمت فيه شروط الصحة والسلامة والنظافة كما أن توسع المدينة جعل سكان الأحياء الجديدة والبعيدة عن السوق المركزي٬ يتبضعون من أقرب الأسواق إليهم.
كلماتنا وعباراتنا لن تقنع طبعا تجار هذا السوق التاريخي٬ من أجل سحب تخوفاتهم بشأن مصير هذا الفضاء الأسطوري، بالنسبة لأحد تجار هذا السوق كما رصدته صفحة سلا مدينتي فإن زبناءه قبل ثلاثين سنة كانوا في أغلبهم من الأجانب ومن الدبلوماسيين المقيمين بالرباط٬ أما اليوم فبات عددهم يتراجع على نحو متزايد٬ أمام تدهور حجم وجودة المنتوجات وتفشي الأوساخ والفوضى بين اركانه.. بينما تجد ان الجهات المعنية تغط وتسرف في غطيطها.
لإعادة تأهيل سوق سلا المركزي٬ يرى أحد التجار أن النظافة والمهنية وحدهما الكفيلين بإعادة هذا الفضاء التجاري التاريخي إلى سابق عهده٬ وتكريسه٬ وبالتالي٬ كسوق للتبضع اليومي بسلا المدينة إلى جانب تحسيس المعنيين بالحفاظ على “جماليته” من أجل استمراريته.