تقرير :حسن الحماوي
شهد فضاء مسرح محمد الخامس بالرباط مساء يومه الخميس 30يناير2020 حفلا فنيا وتكريميا لرواد المسرح والادب في اطار الدورة الثانية لمهرجان “مبدعون في الذاكرة” ( دورة الفنان الراحل العربي الدغمي) والذي يحمل شعار: ^^العربي الدغمي، فنان أصيل، خفيف الظل^^.
وهو الحفل الفني الذي سهر على تقديم فقراته المنشطة التربوية سعاد بنموجان والاعلامي عبد الرحيم بكار بتنظيم من مؤسسة أطلس ماروك للعمل السوسيوثقافي وجمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة.
الحفل عرف إستقبال المدعويين والحضور على نغمات الفرقة النحاسية التابعة لولاية الرباط سلا القنيطرة ومجموعات تراثية من الفن الكناوي والدقة المراكشية وأفتتحت فقراته بايات بينات من الذكر الحكيم تلاها المقرئ نور الدين المجاطي كما اعطيت الكلمة في البداية للاستاذ عبد الكريم بناني رئيس جمعية رباط الفتح الذي تحدث عن أهمية هذا المحطة الفنية لتكريم رائد من رواد المسرح والسينما المغربية والذي بصم بإبداعاته الفنية تاريخ المسرح المغربي.
وفي ذات السياق ذاته عرف الحفل مشاركة متميزة لمجموعة من فناني الاغنية المغربية وعلى راسهم الفنان بنسعيد والفنان سعيد مجاهد وفنان الملحون البشير الخضار والفنانة نورا الجليلي وايمان مبارك واحمد المسناوي كما ادت الفنانة المسرحية خديجة النقاط مونولوج مسرحي قصير من مسرحية” المرشومة”.
اما محطة الاعتراف والتكريم فتميزت بتكريم رائد المسرح المغربي العربي الدغمي في شخص عائلته الكريمة كما هو الشان للأديب الأستاذ عبد الكامل دينية واخ الراحل الأستاذ عبد الحق الدغمي،والدكتور عبد الكريم برشيد رائد المسرح الاحتفالي بالمغرب والعالم العربي،و قد قدمت في حق المحتفى بهم شهادات حية على منصة التتويج بعدها سلمت لهم شواهد تقديرية وهدايا رمزية للمحتفى بهم عرفانا بعطائهم وابداعاتهم الفنية في مجال المسرح والادب والفنون.في غياب للرواد المسرحيين ومن الجيل الحالي الذين تخلفوا عن حضور تكريم هرم م سرحي الا الفنان احمد الناجي ومحمد رزين.
وفي كلمة لعبد العزيزالرابحي رئيس مؤسسة قال فيها “إننا نتوخى كمجتمع مدني مواطن مستقل غيور، ترسيخا حقيقيا لثقافة الإعتراف والإقرار بكل نجاح وحسن الصنيع ، ورغبة منا في استحضار شخصيات وطنية مبدعة وقامات ونجوم أثبتوا مكانتهم ونالوا إعجاب من عرفوهم من أبناء مجتمعهم، وجيلهم وباقي الأجيال..ونسرد في حق من غادرنا إلى الدار الدائمة أنعم الله عليه بالفردوس الأعلى جوار نبينا عليه السلام ، أو من لازال بيننا حيا يرزق أطال الله في عمره ،بعضا مما أنجزوه من روائع الإبداعات وأجملها ، تستحق الثناء الكبير،ونيل الحظوة والتقدير في الطرب الموسيقي أو الغنائي أو الفنون التشكيلية أو الشعر بكل ألوانه وأطيافه أو المسرح و التمثيل…ونفتح من خلال ذلك جسر التواصل بين الأجيال والكفاءات المغربية المعطاء وخلق الإقتداء الجميل للخلف بالسلف الصالح. كما أشكر كل الفنانين المشاركين وإدارة مسرح محمد الخامس ، وكل المنابرالإعلامية وكل من ساهم في إنجاح هذه الدورة ، والشكر كل الشكر لمساندنا الدائم جمعيتنا الرائدة والعتيدة رباط الفتح للتنمية المستديمة وعلى رأسها أستاذنا الجليل سيدي عبد الكريم بناني أطال الله في عمره للخير والصالحات لهذا الوطن العزيز”.
ولم يفت الفاعل الجمعوي والشاعر محمد الملوكي بصفته مدير الدورة التنويه بهذه الالتفاتة في حق الراحل وشكر الجهات المنظمة لهذا الحدث التي مافتئت تولي عناية كبير للمبدعين الذين بصموا تاريخ الفن المسرحي المغربي
ويشار الى ان الراحل العربي الدغمي ، يعد واحدا من الذين أسسوا لتجربة المسرح الإذاعي بالمغرب، وقد ولج هذا الميدان عن طريق ممارسته المسرحية في إطار فرق هاوية منتصف الأربعينيات بالرباط،حيث قضى أكثر من ثلاثة عقود كصوت تمثيلي بالإذاعة الوطنية وهو في نفس الوقت مؤلف ومخرج للإذاعة الوطنية، إلى جانب إصراره على أن يكون حاضرا وبقوة على الركح في المسرح التلفزيوني، خاصة عندما كانت فرقة التمثيل بدار الإذاعة والتلفزة المغربية تنتج للإذاعة أعمالا يومية وتقدم للتلفزة إنتاجات درامية أسبوعية. للعربي الدغمي تجربة طويلة على خشبة المسرح وخاصة من خلال الأعمال المسرحية التي وقع عليها الفنان الأستاذ عبد الله شقرون، وفيما بعد مع فرقة المعمورة الشهيرة ، بالإضافة إلى حضوره القوي والمتميز كممثل كبير يثقن التشخيص بالفصحى والدارجة في مجموعة من المسرحيات الاستعراضية التي واكبت الكثير من الأحداث التاريخية مع الفنان الطيب الصديقي.
العربي الدغمي أيضا وجه سينمائي بصم بدايات السينما المغربية بحضوره البارز، عبر مشاركته في أفلام مغربية وأعمال سينمائية عالمية والتي وضع مخرجوها ثقتهم فيه إلى جانب ممثلين عالميين كبار، وهو من طينة الفنانين الكبار، من أبرز أعمال الراحل العربي الدغمي السينمائية، التي ظلت راسخة في ذاكرة المشاهد ، الأعمال التي لعب من خلالها أدوارا مختلفة كما في أفلام “عندما يثمر النخيل” و”الصمت اتجاه ممنوع” و”عرس الدم” و”بامو” و”حلاق درب الفقراء” و”قفطان الحب” و”إبراهيم ياش”. وكانت آخر أعمال الراحل الذي يعد أحد عمالقة الفن المغربي، فيلم “معركة الملوك الثلاثة” للمخرج سهيل بن بركة، حيث شارك في هذا العمل السينمائي إلى جانب أكثر من ثلاثين ممثلا ينتمون إلى دول مختلفة، استفاد كثيرا من تجربتهم السينمائية.
قدم الراحل للإذاعة، حوالي 300 عمل إذاعي مع فرقة الإذاعة للتمثيل، حيث عشق المستمعون صوت العربي عبر أمواج الأثير وافتتنوا وأعجبوا بالأدوار التي كان يتألق في تقمصها وأدائها بموهبة فنية فذة قل مثيلها، ومن بين الفنانين الرواد الذين شاركوه هذه الأعمال، حمادي التونسي وحبيبة المذكوري والهاشمي بنعمر وامينة رشيد.