أمزازي يبسط تفاصيل الإصلاح البيداغوجي الجامعي الجديد أمام مجلس المستشارين.

ع. عسول

جوابا عن سؤال في موضوع موحد يتعلق بالاصلاح الجامعي البيداغوجي طرحته هذا الأسبوع الفرق الاستقلالي-الحركي-الاشتراكي-الأحرار-الدستوري الديمقراطي- الاتحاد المغربي للشغل، قال سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني ، أن السؤال يأتي كامتداد للنقاش العميق والمسؤول الذي تميز به اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بالمجلس أواسط الشهر الجاري

وأشار بهذه المناسبة ، أن الإصلاح البيداغوجي الجامعي الجديد هو وليد سياق ومرتكزات موضوعية. وقد تم إرساؤه وفق مقاربة تشاركية شملت كل الأطراف المعنية والفاعلة في هذا المجال منذ السنة المنصرمة.

مذكرا أن مقتضيات القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي 17.51 نصت على ضمان الدولة مجانية التعليم العمومي في جميع أسلاكه وتخصصاته وبطبيعة الحال يشمل هذا المقتضى نظام البكالوريوس الجديد. كما أن الإصلاح المرتقب سيبقي نظام إجازة- ماستر – دكتوراه المعمول به حاليا لكن سيعمل على تطويره وتجويده استجابة لمتطلبات المجتمع وسوق الشغل وجعله آلية للارتقاء بمهارات الطالب وتحسين قابليته للتشغيل.

سياق ومرتكزات الإصلاح البيداغوجي الجامعي الجديد:

قبل التطرق للإصلاح البيداغوجي الجامعي الجديد، ذكر أمزازي أن المغرب اعتمد منذ سنة 2003 إصلاحا بيداغوجيا ارتكز على نظام إجازة -ماستر –دكتوراه في إطار تدويل تعليم العالي. إلا أنه وبعد مرور أكثر من 17 سنة بالعمل بهذا النظام كشفت خلاصات دراسات وتقارير المؤسسات الرسمية، خاصة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والمجلس الأعلى للحسابات وكذا التقارير المنجزة من طرف الجامعات على ضرورة تطوير هذا النظام نظرا للإكراهات المتعددة التي تم الوقوف عليها والتي لخصها كالتالي “عدد الحاصلين على شهادة الباكالوريا في ارتفاع مستمر حيث بلغت نسبة %22+ ما بين سنتي 2015 و2019 مما شكل ضغطا كبيرا على المؤسسات ولاسيما ذات الاستقطاب المفتوح التي عرفت تسجيل 87% من مجموع الطلبة الجدد بها.
إشكالية التوجيه وعدم ملاءمة المدخلات مع العرض البيداغوجي لسلك الإجازة،على مستوى التعليم الثانوي تستحوذ شعب العلوم والتقنيات على أكبر عدد من التلاميذ بنسبة تفوق 60%،في حين لا يوجد أي انعكاس لبنية حاملي شهادة الباكالوريا على بنية المسجلين الجدد بسلك الإجازة. حيث المسجلون بمسالك العلوم لا تتعدى نسبتهم 15%؛
بالمقابل 35% من مجموع الحاصلين على باكالوريا علمية أو تقنية يفضلون التسجيل في ميادين العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية والآداب والعلوم الإنسانية.”
مردودية داخلية ضعيفة لسلك الإجازة ” حيث أن 16,5% من عدد الطلبة الجدد في سلك الإجازة ينقطعون عن الدراسة في السنة الأولى؛كما تقدر النسبة الإجمالية للانقطاع عن الدراسة بدون الحصول على أي شهادة وبدون احتساب عدد السنوات المستهلكة ب 47,2%؛في حين أن 13,3% فقط من مجموع الطلبة الجدد المسجلين بمؤسسات الولوج المفتوح، يحصلون على دبلوم الإجازة في مدة ثلاث سنوات ،كما يبلغ متوسط عدد السنوات للحصول على دبلوم الإجازة ما بين 5 – 4,5 سنة، دون احتساب الهدر.”.وأكد الوزير أن كل هذه المعطيات المترتبة عن الانقطاع أو التكرار لها تكلفة تسيير إضافية تقدر ب 746.3 مليون درهم.

من جهة أخرى، أبانت مختلف تقارير المؤسسات الوطنية والدراسات الميدانية واللقاءات التشاركية التي قامت بها الوزارة عن ” ضعف مستوى التحصيل البيداغوجي بسبب اختلاف لغة التدريس بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي العالي، خاصة في الشعب العلمية والتقنية؛ ضعف المستوى المعرفي في مواد أساسية، خصوصا بالنسبة لبعض شعب البكالوريا؛عدم تملك الطلبة مجموعة من الكفايات الأفقية المتعلقة بالمهارات الحياتية والذاتية؛ كالريادة، العمل بالفريق، الحس النقدي.،عدم استثمار الإمكانيات التي تتيحها التكنولوجيا الرقمية لتطوير التعليم العالي خاصة التعليم عن بعد؛ ضعف انخراط الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين في تحديد الحاجيات والمساهمة في بلورة وتأطير التكوينات؛ ضعف المردودية الخارجية للمنظومة مما ينعكس على صعوبة الولوج والاندماج في سوق الشغل، حيث تشير إحصائيات سنة 2018 المتوفرة لدى المندوبية السامية للتخطيط إلى نسبة بطالة مستقرة في 20%، فيما يخص خريجي الكليات ذات الولوج المفتوح.”

وانطلاقا من كل هذه المعطيات بات ضروريا- يسجل أمزازي- إرساء نموذج جديد للتكوين الجامعي (هندسة بيداغوجية جديدة) في انسجام تام مع محاور خارطة الطريق التي رسمها جلالة الملك محمد السادس، في خطاب 20 غشت 2018، من أجل ملاءمة التكوينات مع حاجيات سوق الشغل وتيسير اندماج الخريجين في الحياة العملية، وتفعيلا للمقتضيات الواردة في عدة مواد من القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي 51.17، والتي تنص على ضرورة اعتماد نظام بيداغوجي يستجيب لمتطلبات التنمية الوطنية، وينفتح على التجارب الدولية. وقد تم تحضير هذا المشروع وفق مقاربة تشاركية، بإسهام جميع الفاعلين بالجامعات.

وأكد الوزير المعني أن الاصلاح الجديد أخذ بعين الاعتبار توصيات اليوم الوطني للإصلاح البيداغوجي المنعقد بمراكش يومي 2 و3 أكتوبر 2018 تحت شعار “الجامعة المتجددة: رهان للتأهيل الأكاديمي والاندماج المهني”، بمشاركة رؤساء الجامعات والمؤسسات الجامعية والعديد من رؤساء الشعب ومنسقي المسالك والأساتذة وممثلين عن نقابتي الأساتذة الباحثين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، والتي تمت إحالتها على الجامعات لتدقيقها وإبداء الرأي بشأنها؛

كما تم تنظيم سلسلة من الاجتماعات طيلة السنة الجامعية 2018-2019، ضمت رؤساء الجامعات، ورؤساء المؤسسات الجامعية ومختلف الشبكات في مختلف الحقول المعرفية، وأساتذة من مختلف التخصصات مع إشراك الاتحاد العام لمقاولات المغرب في مختلف المحطات.

مبرزا أن دواعي الانتقال إلى النظام الجديد ، تمثلت في “تحسين قابلية التشغيل وتطوير روح التنافسية لدى الطلبة بتمكين الطلبة من اللغات الأجنبية والكفايات الحياتية وتنمية الثقافة العامة لديهم،الرفع من المردودية الداخلية خاصة بمؤسسات الولوج المفتوح والحد من الهدر الجامعي والرفع من نسبة الإشهاد،تحسين الحركية الدولية للطلبة من خلال انفتاح منظومة التربية والتكوين على النماذج الدولية وذلك باعتماد دبلوم البكالوريوس الأكثر تداولا بالعالم.”

أما مزايا ومرتكزات سلك البكالوريوس للطالب فتشمل “برمجة سنة تكوينية تأسيسية من أجل ضمان انتقال سلس للطلبة من مرحلة التعليم الثانوي إلى مرحلة التعليم العالي، وذلك عن طريق تأهيل الطلبة للاستجابة لمستلزمات النجاح الجامعي ومساعدتهم على التوجيه واختيار مسالك التكوين المناسبة، اعتماد نظام للتوجيه النشيط يمكن الطلبة من فرصتين إضافيتين للتوجيه وإعادة التوجيه وتفادي أي تعثرات قد تنتج عن سوء الاختيار في نهاية السنة التأسيسية ونهاية السنة الثانية؛تعزيز وحدات اللغات ببرمجة 6 وحدات في اللغات على مستوى السنة الأولى (4) والسنة الثانية (2) لسلك البكالوريوس وذلك من أجل تأهيل الطالب وتعزيز قدراته في اللغات والتواصل؛برمجة وحدات في الكفايات الحياتية والذاتية حيث يمنح سلك البكالوريوس للطالب إمكانية اختيار وحدة في الكفايات الحياتية والذاتية على مستوى كل فصل، وتتوزع هذه الوحدات على طول مسار التكوين؛ يتضمن سلك البكالوريوس، أيضا وحدات للانفتاح على حقول معرفية أخرى بهدف تنمية وتطوير الرصيد الثقافي للطلبة؛اعتماد نظام الأرصدة القياسية يمكن من ترصيد الوحدات المكتسبة واعتماد الدبلوم الأكثر تداولا في العالم مما سيعزز إمكانية حركية الطلبة على المستوى الوطني والدولي بجامعات ومؤسسات أجنبية لمتابعة جزء من دراستهم بسلك البكالوريوس مع الإسهام في دعـم جاذبيـة الجامعـة المغربيـة بالنسـبة للطلبــة الأجانــب؛إعطاء أهمية أكثر للعمل الشخصي للطالب؛ إعطاء أهمية أكثر للتعليم عن بعد والتعليم بالتناوب؛اعتماد نظام دراسات وتقييم مرن؛إتاحة التكوين بسلك البكالوريوس إمكانية الحصول على شهادة البكالوريوس خلال مدة قد تقل عن أربع سنوات، وذلك حسب قدرات وإمكانيات الطالب لتحصيل جميع الأرصدة القياسية الضرورية، الحفاظ على مكتسبات نظام الإجازة. بما فيها المعاوضة في الوحدات، الإستدراك، إعادة التسجيل.”

ويضيف وزير التربية أن الهندسة البيداغوجية الجديدة ستمكن من”تعزيز دور الشعب في إعداد وتأطير وتدبير مسالك التكوين؛إحداث مجلس رؤساء الشعب؛إرساء تسلسل زمني للتنزيل يتضمن مجموعة من المحطات الأساسية إلى غاية انطلاق الدراسة الجامعية بسلك البكالوريوس في شهر شتنبر 2020.”

وفي هذا الإطار، سيتم تنظيم يوم وطني حول الإصلاح الجامعي الجديد يوم 08 فبراير 2020 بمشاركة كل الفاعلين والمتدخلين في منظومة التربية والتكوين تخصص أشغاله لاعتماد دفتر الضوابط البيداغوجية الخاص سلك البكالوريوس.