الاحتجاجات الفرنسية وموقف السياح زوار العاصمة الفرنسية

مراسلون 24- أ.ف.ب

يتعذّر على السياح الذين يزورون باريس تجاهل الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها فرنسا، مع تحطيم للواجهات الزجاجية ومحطات الحافلات وإحراق لحاويات النفايات وانتشار الشرطة، سواء أكانوا يؤيدون أم لا إصلاح نظام التقاعد المدعوم من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون.

وفي منطقة مونمارتر الباريسية، وهي تلة تشكل مقصداً أساسياً للسياح وتطل منها كنيسة “القلب المقدس” (Sacré Coeur)، يدل اصطفاف الحافلات الزرقاء وعدد كبير من عناصر الشرطة، مساء الجمعة، على مدى هشاشة الوضع والخشية من انفجاره فجأة في هذه المنطقة التي بقيت حتى الآن بمنأى عن التظاهرات.

لا تبدو الهولندية يوديت يونكر، التي قدمت إلى فرنسا للاحتفال بتقاعد والدتها، راضية عما يحدث.

وقالت لوكالة “فرانس برس”: “نحن بحاجة إلى التغيير. نحن نتقدم في العمر وينبغي دفع معاشات التقاعد”، متبنية الحجج التي أوردتها الحكومة الفرنسية.

وأضافت “أتفهم موقف حكومتكم”.

وتشاطرها الرأي مواطنتها ميراندا بالت (51 عاماً)، التي التقتها وكالة “فرانس برس” على جسر ألكسندر الثالث فوق نهر السين والمطل على برج إيفل الرائع، قائلة: “في هولندا قاموا أيضًا بتغيير القانون (..) وقبلنا به على الفور”.

وتابعت الأستاذة في جامعة أمستردام “سأتقاعد في سن 67 ونصف”، بينما الإصلاح الذي لا يحظى بشعبية، والذي تم تبنيه مؤخراً في فرنسا، يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا.

ومررت الحكومة مشروع تعديل نظام التقاعد من دون تصويت في البرلمان، مستندة على مادة في الدستور يعتبرها كثيرون “إنكاراً للديموقراطية”، ليقينها بأنه لن يحصل على موافقة الأغلبية في الجمعية الوطنية على الرغم من مناقشته منذ شهور.

ويوم الخميس تظاهر ما مجموعه 3,5 ملايين شخص في مختلف أنحاء فرنسا، وفق نقابة “سي جي تي”، فيما اقتصر العدد، بحسب وزارة الداخلية، على 1,08 مليون ضد تعديل نظام التقاعد. وقد كان الغضب واضحاً بين المحتجين الذين عبروا عن استيائهم من الرئيس.

في باريس حيث أعلن الاتحاد العمالي العام (سي جي تي) مشاركة 800 ألف شخص، في مقابل 119 ألفا بحسب وزارة الداخلية، سرعان ما سجّلت أعمال عنف، لا سيّما رشق الحجارة والقوارير وإطلاق المفرقعات على قوات الأمن.

“باريس ثوري!”
ثم أشعلت النار في ساحة الجمهورية، المكان التقليدي للتجمعات السياسية، على وقع هتافات تنادي “باريس ثوري! ثوري!”. وقال إيغور (27 عاماً)، الذي شارك في جميع التجمعات، المنظمة أو العفوية، منذ شهرين، إن “الناس لم يعودوا يخشون شيئاً”.

كما جذبت التجمعات على حين غرة السياح، مثلما حدث مع مراهقين نمساويين كانا في رحلة مدرسية، أوقفا الخميس الماضي أثناء محاولتهما الذهاب إلى العائلة المضيفة، حسب صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية. وقد أمضيا ليلتهما في الحجز قبل أن تتدخل سفارتهما لإخراجهما.

ولحسن الحظ، لم يحدث شيء من هذا القبيل لجيمس ستيفنز، الخبير الاستشاري البريطاني (29 عاماً)، الذي وصف تصرف الحكومة الفرنسية بأنه “بغيض”.

وقال: “بالطبع يجب توفير المال لدفع المعاشات”، لكن “أن يتخذ الرئيس هذا القرار دون دعم (…) الشعب فهذا أمر غير مقبول”.

بالقرب من كاتدرائية نوتردام، لا تخلو صور السياح من أكوام النفايات، بعد أسبوعين ونصف من إضراب عمال جمع القمامة. وتنتشر آلاف الأطنان من القمامة في شوارع مدينة النور، أولى الوجهات السياحية في العالم.

وأعربت فيوليتا لوزيوك، وهي أوكرانية جاءت إلى باريس للاحتفال بعيد ميلادها، عن تفاؤلها قائلة: “سيجدون حلاً و(…) ستعود باريس نظيفة وجميلة كما يحبها الناس”.

من جانبه، قال رضا صبوحي (40 عاما)، وهو دليل سياحي إيراني، إنه “فخور بالفرنسيين”، في حين يتم قمع التظاهرات منذ شهور في بلاده. وأضاف أن “هذه الحركة قد تحفز الناس في العالم”.

وكان من المفترض أن يقوم ملك بريطانيا تشارلز الثالث وزوجته كاميلا بزيارة لفرنسا من الأحد إلى الأربعاء.

وأعلن قصر الإليزيه، الجمعة، أن الزيارة أرجئت بسبب الاحتجاجات المتواصلة على إصلاح نظام التقاعد.