سلا..قراءة للأستاذة نادية لحا  لرواية “حين تركنا الجسر ” للكاتب الكبير عبدالرحمان منيف

..

مراسلون 24 -ع. عسول

في إطار برنامجه القرائي ، نظم الملتقى الثقافي لجمعية سلا المستقبل بتنسيق مع فرع سلا لشبكة القراءة ؛ قراءة في رواية ” حين تركنا الجسر ” للكاتب الكبير عبد الرحمان منيف ؛ قدمتها الأستاذة نادية لحا.

ووقفت العارضة عند مجموعة من العتبات أولها قراءة توجيهية في العنوان؛ ثم ورقة تعريفية للأديب منيف؛ معرجة على المتن الحكائي ؛ ثم الفضاء الروائي ؛ فالزمن ؛ وبنية الشخصيات وتقنيات السرد ؛ خاتمة بتحليل مقتضب للخطاب السياسي عند المؤلف ؛ بحكم”  أن السياسة هي الرئة الأولى التي تنفس منيف من خلالها الهواء العربي ” .

حيث تأتي هذه الرواية بعد إصداره مجموعة من الروايات ؛ أولها رائعة ” الأشجار واغتيال مرزوق”؛ “قصة حب مجوسية: ؛ “شرق المتوسط”.

في المتن الحكائي ؛ تدور أحداث الرواية حول صياد بسيط يدعى زكي النداوي ؛ في محاولة يائسة لإصطياد العنقاء ” بطة ملكية” ؛ مرفوقا  في رحلته بكلبه الوفي  وردان والذي يعامله بفظاظة معلقا عليه سخطه واحباطاته.

ويتخلل هذا المتن حسب القارءة ؛ استرجاعات يتذكر فيها البطل أوامر الإنسحاب  والجسر المتروك؛ الذي بناه هو ورفاقه الجنود دون نسفه أو عبوره .
يلتقي السارد ببعض الشخصيات أهمها الشيخ الذي يخبره أن تقنيته في الصيد خاطئة.

في النهاية يتمكن نداوي  من اصطياد بطته التي وجدها في آخر المطاف شبيهة ببومة قبيحة  ؛ قبل أن يفقد كلبه إثر تهشم رأسه مع صخرة ؛ ليعود بعدها للمدينة ويختلط بالحشود الحزينة بنفسية مهزومة وخائبة ومحبطة.
على مستوى تحليل الخطاب السياسي ؛ تأتي رواية حين تركنا الجسر ؛ في سياق نبكة حزيران 1967؛ التي خسرت فيها عدد من الدول العربية- دول المواجهة – في حربها مع العدو الاسرائيلي ؛ وما نجم عن ذلك من احتلال أجزاء من أراضيها وتمريغ كرامتها ، ما ترك ندوبا في نفسية وشخصية الإنسان العربي ؛ وطرح تساؤلات عميقة لذى النخبة والمثقفين والسياسيين حول أسباب الهزيمة وسبل النهوض من جديد.!!.

وبالعودة للرواية ؛ ورغم أن  الكاتب لايعطي  أية بارقة أمل في روايته للإنتصار المادي واصطياده  لطريدته ؛ لكن عبد الرحمن منيف يطرح حلا في آخر المطاف لبطله للخروج من المأزق والخيبة.. فيجري  زكي نداوي حوارا مع أحد أصحابه:
“زكي نداوي : والجسر.. ألا يعني شيئاً؟
صديقه : يمكن دائماً بناء الجسور… الصعب هو بناء الانسان.
زكي نداوي: بناء الانسان؟
صديقه: نعم بناء الانسان من نوع جديد!
زكي: تقصد انساناً لا يترك الجسر؟
صديقه: أقصد انساناً لا يترك الجسر ويعرف كيف يتصرف.
ويردد زكي نداوي مع نفسه : بناء الانسان؛وليس بناء الجسور ؛إنسان  لا يترك الجسر ويعرف كيف يتصرف.”

إذن يكتشف بطل رواية (حين تركنا الجسر)  زكي نداوي أصل المشكلة  والحل؛ ألا هو بناء إنسان من نوع جديد ؛ إنسان  لا يترك الجسر  ويقاوم ولا ينهزم ويعرف كيف يتصرف في وقت الشدة والحروب والمحن..