مراسلون 24 – الدكتور نورالدين بلحداد
يسعدني أن أقدم لكم رأيي في حدث خاص بالفضيحة المدوية التي هزت الرأي الوطني والدولي والمتمثلة في استقبال الجارة اسبانيا لزعيم الانفصاليين بأرضها بجواز سفر مزور بدعوى تلقيه للعلاج بأحد مستشفياتها.
لكن الأمر انكشف واتضحت النوايا الخبيثة للإسبانيين ولكل من تستر على هذه الجريمة النكراء ومن وراءهم المخابرات الجزائرية التي ماتزال متمسكة بالوهم وسياسة التضليل التي يمارسها حكامها للانتقام من المغرب واتضح للجميع على أن المغرب أصبح بل بات الشغل الوحيد لهؤلاء الناقمين والحاقدين على المغرب. لكن الشيء الذي ينبغي أن نتوقف عنده هو هذا الموقف الشاذ للجارة اسبانيا ولنطرح معها بعض الاسئلة الحرجة..
ألم يكن جهاز الاستخبارات الإسبانية بعلم مسبقا بتحركات الجزائر ودميتها الاصطناعية لإختراق حدودها ودخول هذا القزم ولا نقول هذا الزعيم لأراضيها؟ أم أن هذا الجهاز كان في غفوة مدفوع ثمنها مسبقا من الخزينة الجزائرية ؟ أم أن اسبانيا تريد أن تلوي يد المغرب وتجعله يرضخ لبعض مطالبها؟.
كل هذه الاسئلة نترك الجواب عنها للجيران الشماليين وليس للشرقيين لأننا نعلم جيدا أن الشرقيين سيحلفون بالله أنهم بريؤون من هذا الفعل المسخ وبأن المغرب يريد توريطهم فيه.. نعتقد أنه من حقنا الرد بالتي هي أحسن على هذه الخرجات الإسبانية التي تحاول النيل من وحدتنا الترابية ومن مغربية أقاليمنا الجنوبية. لنذكرها ومن خلالها كل المغاربة بالمكر والخداع السياسي الذي أقدمت عليه هذه الدولة منذ ما يزيد عن 129 سنة من المحاولات لإحتلال السواحل الصحراوية المغربية.
ومن الصدف العجيبة ومن مكر التاريخ أننا نجد هذه الدولة تحاول وبكل الوساءل التسرب إلى عمق الصحراء المغربية بعدما فشلت كل محاولاتها بسبب تصدي السلطان المغربي الفذ مولاي الحسن الأول لها ومقارعتها بالحجة والبرهان على أن هذه المناطق مغربية وتخضع لسلطته وتوجد تحث سيادته فلجأت اسبانيا إلى سياسة التدليس والمكر وقامت هي الأخرى بتزوير هوية بعض جواسيسها المدعو إسبير وهو يهودي استقطبته من الشام وأتت به إلى جزر الكنارياس ومكنته من المال والتجارة ودفعت به الى ساحل طرفاية سنة 1892، تحث ذريعة عقد صفقات تجارية مع القبائل لكن نائب السلطان على الصحراء فطن لألاعيب وأهداف هذا الجاسوس ورفع أمره للسلطان مولاي الحسن الاول الذي أعطى أوامره لكل القواد والأمناء والعمال بتتبع تحركات هذا الجاسوس عين اسبانيا وعميلها لتحقيق أهدافها الاستعمارية.
وانكشف أمره بعدما حاول التدليس على الشيخ ماء العينين النائب السلطاني وأظهر له إسلامه وسمى نفسه محمد الصابر عِوَض اسبير اليهودي ورفض ابن الصحراء الوطني ، البار للبيعة التي في عنقه إزاء خمسة ملوك علويين عاصرهم وخدم تحت إمرتهم، رفض كل الإغراءات المالية والهدايا الثمينة والكثيرة التي عرضها عليه حاكمها العسكري خوان كونزاليس سنة 1892 وكانت بالفعل هدايا تسيل اللعاب لأن مصدرها الملك الاسباني والحكومة الاسبانية، وكانت الهدايا تتألف من حمولة ثمانين جمل كلها مكدسة بالأثواب الرفيعة وقطع من الحرير وجواهر وحلي ومبالغ مالية للشيخ لكي يخلع عنه بيعته للسلطان المغربي !.
لكن خاب ظن الأعداء وأظهر الله حقيقتهم وردهم على أعقابهم ناكصين يجرون وراءهم فشلا ذريعا وهم حيارى يتساءلون كيف للمرء في هذه الأصقاع الصحراوية وشظف الحياة الصعب أن يطرح هذه الهدايا بل الكنوز ويتمسك بمغربيته وبذلك انقلب السحر على الساحر وخاب كل جبار عنيد وانكسرت أحلامه فوق صخرة المغرب العتيد بملوكه ورجالاته المخلصين الأوفياء للوحدة الترابية والبيعة السلطانية .
هذا غيض من فيض وندعو الإسبانيين مسبقا الى الإنكباب على إصلاح أي عطب تقني أو مادي أصاب جهاز السكانير المخصص لمراقبة الحدود والتأكد من سلامة جوازات السفر الواردة على أمنهم أو عساكرهم أو دركييهم أو رجال جماركهم لأن العيون تترصدنا ولا يصح إلا الصحيح ونقول لهم في الأخير بالدارجة المغربية “راه المغرب دولة والمرتزقة نملة والجزائر جمرة تحرق ولادها من قبل أصحابها وشوفو فين هو الفرق .والسلام عليكم ورحمة الله”
*استاذ التعليم العالي وأستاذ باحث بمعهد الدراسات الافريقية جامعة محمد الخامس بالرباط متخصص في تاريخ الصحراء المغربية
استاذ جامعي باحث متخصص في تاريخ الصحراء المغربية.