مراسلون 24
سلا-ع. عسول
ووري مؤخرا الثرى في موكب جنائزي مهيب جثمان المرحوم عبدالحميد بلقاضي ، أول رئيس اتحادي لجماعة سلا مابين 1976 و 1983..
حضر جنازة الفقيد الإتحادي الذي تولى تدبير شؤون مدينة سلا التي كانت تتنفس هواء المقاومة والنفس السياسي الإتحادي واليساري، حضر جنازته الكاتب الأول الحالي ادريس لشكر، ومجموعة من اتحاديي مدينة سلا ، ومن القيادة السابقة كل من الصديقي، العربي عجول، عبدالقادر باينة، خالد اعليوة، فيما قدم العزاء بشكل فردي محمد اليازغي وفتح الله ولعلو، وتعذر حضور عبدالرحمان اليوسفي لأسباب صحية، كما حضر ممثلون عن حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية وفعاليات مدنية ..
المرحوم ازداد بسلا سنة 1945ودرس بها التعليم الابتدائي قبل أن يتم تعليمه الإعدادي والثانوي بالرباط حيث حصل على شهادة البلكلوريا سنة 1964.
فواصل دراسته الجامعية بكلية العلوم حيث درس الرياضيات لمدة سنتين ، وشارك في تأسيس أول تعاضدية طلابية في اطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.، قبل أن ينتقل الى فرنسا مدينة كرونوبل ، محولا اهتمامه نحو العلوم الإقتصادية والتي نال بها دبلوم الدراسات المعمقة والدكتوراه في تخصص الاقتصاد الحضري .
على المستوى السياسي التحق بلقاضي مبكرا بأول إرهاصات تأسيس الإتحاد الوطني للقوات الشعبية من خلال الجامعات المتحدة التي كانت بداية الإنفصال التنظيمي عن حزب الاستقلال وشارك في أول انتخابات برلمانية بسلا سنة 1962 مساندا للأستاذ الإتحادي المهدي العلوي الذي نجح فيها .
وكان الفقيد بلقاضي عضوا نشيطا في حزبي الاتحاد الوطني والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ،و مسؤولا عن العلاقات الخارجية إلى جانب عبدالرحمان اليوسفي، بالإضافة إلى تدبيره الشؤون المحلية والبلدية لمدينة سلا حيث أسس اللبنات الأولى للتدبير المحلي وعلى رأسها وضع البنية التحتية الأساسية..
على مستوى تجربته كأول رئيس اتحادي لجماعة سلا سنة 1976، فقد جاءا في سياق جد خاص ، حيث خرج المغرب من أجواء الإنقلابات العسكرية الفاشلة والعلاقة المتوثرة بين الحركة الاتحادية والقصر ، وتم الدخول في انفراج سياسي ، توجته قيادات الاتحاد على رأسها الزعيم عبدالرحيم بوعبيد والشهيد عمر بنجلون ومحمد اليازغي بعقد المؤتمر الإستثنائي سنة 1975،وبعده دخول الانتخابات الجماعية حيث نجح الحزب في رئاسة عدد مهم من المدن الكبرى من بينها جماعة سلا.
يقول مصدرنا الإتحادي الذي غاص في ذاكرة الإتحاد الإشتراكي بسلا، أن نجاح الحزب في الظفر برئاسة جماعة سلا في تلك الحقبة من الزمن السياسي المغربي ، كان ثمرة عمل جماعي وفريق عمل حيث حاز على أغلبية مريحة ب 13مقعدا ، كان من بين الأعضاء بالإضافة لعبدالحميد بلقاضي ، كل من المرحوم النقيب محمد السملالي ، عبدالوهاب المريني ، المهندس حسن الطالب ،بوبكر بوعبيد،النقابي العربي خروج، بنعاشر فنيش، قويدر السراج الذي خرج للتو من السجن بعد متابعته في قضية دهكون، بنعيسى تيكيطو،ابراهيم أونجبم، الحاج أعمار، ابراهيم محاسني. ولم يكن يحتاج الفريق الاتحادي إلا لعضوين آخرين لأخذ رئاسة الجماعة ، وهو ما وجده في حزب الشورى والإستقلال بأربعة أعضاء ..
ويضيف مصدرنا أن اسم بلقاضي لم يكن مطروحا في الأول كرئيس ، بل سجل أسمي كل من النقيب السملالي والنقابي الخروج، ومع تعقد الحسم في واحد منهما تدخلت القيادة الحزبية باختيار بلقاضي بالنظر لتخصصه في الاقتصاد الحضري..
من النقط المضيئة التي تسجل للفريق الإتحادي المدبر لجماعة سلا في أول تجربة ، هو تنفيذه لإختصاصات المجلس التي وردت بالظهير الشريف لسنة 1976،حيث قام باسترجاع تدبير المجلس لموارده البشرية وتسوية وضعية موظفيه، وتحرير ممتلكاته الجماعية وتحفيظ بعضها. كما نجح في تدبير شبكة الماء الصالح للشرب، التي كانت متهالكة، مخصصا المدينة القديمة بتسعيرة تفضيلية وصيانة الشبكة من خلال تفويت هذا الأمر للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباءRED .
أيضا يحسب لهذا الرئيس وفريقه الإنشغال بقطاع التشغيل، حيث قام بخلق أول حي صناعي بحي الرحمة ، وتحفيز الإستثمار به ، وفتح معامل للنسيج ، مما مكن من إنعاش قطاع الشغل، قبل أن يتلاشى هذا المكسب الإجتماعي في سياق التقويم الهيكلي ، أواخر الثمانينات والتسعينات ..
كما قام بتوقيع اتفاقية توأمة مع مدينة أريانة التونسية مما شجع التبادل الثقافي والرياضي بين المدينتين،و رفض تحمل الجماعة جوانب النقص والقصور التي وسمت البنية التحتية في إنجاز حي السلام الذي أشرفت عليه وزارة الإسكان آنذاك مخافة إثقال كاهل الجماعة بالتزامات مالية لا تقدر عليها على مستوى قنوات التطهير والطرقات ..
رحم الله الفقيد بلقاضي وكل الاتحاديين الذين قدموا أيادي بيضاء خدمة للصالح العام بهذه المدينة المليونية والضاربة في التاريخ ..