المغرب … في زمن التعبئة الهادئة..

✍️ بقلم ابوبكر الفقيه التطواني

حين تبتسم البلاد وتنتصر بثقة

ليس ما يعيشه المغرب اليوم مجرد لحظة سياسية عابرة، ولا مجرد تراكم إنجازات ظرفية، بل هو زمن تعبئة وطنية هادئة، تنبض في العمق أكثر مما تصرخ في العلن، وتتشكل في الوجدان قبل أن تُقرأ في التقارير. تعبئة عنوانها الثقة، وقائدها ملك جعل من الإنسان جوهر المشروع، ومن كرامة الوطن بوصلة لا تحيد.
تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يبدو المغرب وكأنه يستعيد ابتسامته الجماعية. تلك الابتسامة التي لا تنبع من ترف اللحظة، بل من الاطمئنان العميق إلى أن البلاد تسير، بثبات، في اتجاه واضح، مهما اشتدت التحديات وتعقدت السياقات الإقليمية والدولية. في الشارع، في المؤسسات، في النقاش العمومي، وحتى في صمت الناس، ثمة إحساس بأن المغرب يتحرك، وأنه لا يراوح مكانه

**ملك يسكن القلوب،،،،،،…

لا يمكن فهم هذه التعبئة دون استحضار المكانة الرمزية الخاصة التي يحتلها جلالة الملك في وجدان المغاربة. ملك لا تُختزل شرعيته في النصوص الدستورية وحدها، بل تتغذى من عمق تاريخي وروحي متجذر في الشجرة المحمدية الشريفة، ومن علاقة وجدانية نسجتها السنوات مع شعب يرى فيه الضامن لوحدة الوطن، والحارس الأمين على توازنه.

محمد السادس ليس فقط رئيس دولة، بل فاعل تاريخي أعاد ترتيب الأولويات، وحرّك الملفات الثقيلة التي طالها الجمود، وجعل من القضايا الاجتماعية – الصحة، التعليم، السكن، الحماية الاجتماعية – محورًا مركزيًا في السياسات العمومية. منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، اختار أن تكون كرامة المواطن هي نقطة الانطلاق، لا مجرد نتيجة مؤجلة.

**من الدولة الاجتماعية إلى مغرب الحقوق المشروعة

لقد دخل المغرب، بقيادة جلالته، مرحلة جديدة من بناء الدولة الاجتماعية: تعميم الحماية الاجتماعية، إصلاح المنظومة الصحية، دعم الفئات الهشة، إعادة الاعتبار للطبقة الوسطى، وربط التنمية بالمجال، لا بالمركز فقط. مشاريع كبرى لم تكن مجرد وعود خطابية، بل مسارات تنفيذية صبورة، تراكمية، تُدرك أن بناء الإنسان لا يتم بالقرارات المتسرعة، بل بالسياسات العميقة.

وفي موازاة ذلك، ظل المغرب ثابتًا في الدفاع عن حقوقه التاريخية المشروعة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية. بثبات الدولة الواثقة، لا بانفعال العابر، استطاع المغرب أن يراكم الاعترافات الدولية، وأن يحوّل عدالة قضيته إلى قناعة عالمية متنامية. هنا، تتجلى حكمة القيادة: لا صخب، لا ارتباك، بل عمل دبلوماسي رصين، يستثمر الزمن بدل أن يبدده.

**وطن يربح الرهانات… ويفرح أيضًا

وفي لحظات الفرح، يتجلى وجه آخر لهذه التعبئة. فوز المغرب بكأس العرب لم يكن مجرد انتصار رياضي، بل كان لحظة وطنية جامعة، خرج فيها المغاربة، على اختلاف أعمارهم وانتماءاتهم، ليحتفلوا بذواتهم، بثقتهم، وبصورة بلد قادر على الفرح الجماعي النظيف. كرة القدم هنا لم تكن لعبة فقط، بل لغة رمزية قالت الكثير: نحن شعب يحب الحياة، ويعرف كيف يحوّل الإنجاز إلى طاقة أمل.

ذلك الفرح العارم الذي عمّ المدن والقرى، والذي ارتسمت فيه الابتسامة على كل الشفاه، لم يكن منفصلًا عن السياق العام، بل جزءًا منه. مغرب ينتصر حين يعمل، ويفرح حين ينجح، ويواصل السير دون غرور.

**تعبئة بلا شعارات… وثقة بلا ضجيج

ما يميز هذه المرحلة هو أن التعبئة الوطنية لا تُفرض من فوق، ولا تُدار بالخطابات الحماسية وحدها، بل تتشكل بشكل طبيعي، هادئ، نابع من الإحساس بأن هناك مشروعًا، وأن لهذا المشروع قائدًا يرى بعيدًا، ويتحرك بهدوء العارفين.

إنه مغرب يتحول، يرفع التحديات، يراكم المكاسب، ويصون ثوابته. مغرب لا يدّعي الكمال، لكنه لا يشك في نفسه. مغرب يقوده ملك يعيش في دنيا قلوب المغاربة، قبل أن يُدير شؤون دولتهم.

وفي زمن تتآكل فيه الثقة في كثير من بقاع العالم، يظل المغرب، بقيادة محمد السادس نصره الله، نموذجًا لبلد اختار أن يبني بهدوء… وأن ينتصر بثقة.