أحكام حبسية مشددة … رشوة الولادة بالقنيطرة تهز أركان مستشفى الزموري

مراسلون 24

في خطوة قضائية حازمة، أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، مساء يوم أمس ، أحكامًا حبسية مشددة ضد عدد من المتورطين في فضيحة “رشوة التوليد” التي أثارت غضب الرأي العام المحلي، بعد كشف وقائع الابتزاز المالي داخل قسم الولادة بمستشفى الزموري. هذه القضية التي شغلت الأوساط الاجتماعية والإعلامية أعادت من جديد تسليط الضوء على ظاهرة الرشوة داخل المؤسسات الصحية العمومية.

تعود تفاصيل هذه القضية إلى بداية شهر أبريل الماضي، عندما تقدم زوج سيدة حامل بشكاية إلى وكيل الملك، مفادها تعرض زوجته لابتزاز مالي داخل قسم الولادة، حيث طلب منها دفع مبلغ 2000 درهم مقابل عملية التوليد. هذا الطلب جاء في مؤسسة من المفترض أن تقدم خدماتها للنساء الحوامل بشكل مجاني، ما أثار موجة غضب واسعة.

وبناء على هذه الشكاية، باشرت النيابة العامة بتنسيق مع المصلحة الولائية للشرطة القضائية تحقيقًا مكثفًا، تم خلاله نصب كمين محكم، حيث تنكرت ضابطة شرطة في هيئة قريبة للمشتكية. وأسفر التدخل السريع عن ضبط القابلة وهي تتسلم المبلغ المالي داخل قسم الولادة، في حالة تلبس تام.

هيئة الحكم، التي ترأستها القاضية نعيمة ازديك، قررت معاقبة المتورطين بأحكام زجرية شديدة، جاءت على النحو التالي:

خمس سنوات حبسًا نافذًا للطبيبة المتورطة، مع حرمانها من مزاولة مهنة الطب لمدة عشر سنوات.

أربع سنوات حبسًا نافذًا في حق القابلة، التي ثبت تورطها في استلام المبلغ.

ثلاث سنوات حبسًا نافذًا لكل من الوسيطين اللذين شاركا في تنفيذ عملية الابتزاز.

سنة واحدة حبسًا نافذًا في حق حارس الأمن الخاص، لدوره في تسهيل العملية داخل المستشفى.

هذه الأحكام التي وُصفت بالقاسية، لقيت ترحيبًا واسعًا من طرف المواطنين، حيث اعتبر الكثيرون أن هذه العقوبات تشكل رسالة قوية لكل من يتجرأ على استغلال حاجة المرضى وذويهم، خاصة في ظروف حساسة كالولادة.

وقد أثارت هذه الفضيحة استنكارًا كبيرًا بين سكان القنيطرة، الذين طالبوا بضرورة تشديد الرقابة على المرافق الصحية العمومية، واتخاذ إجراءات وقائية تحول دون تكرار مثل هذه الانتهاكات الصارخة. فالمستشفى الذي يُفترض أن يكون ملاذًا آمنا للنساء في لحظات المخاض، تحول إلى ساحة للابتزاز المالي، ما يستوجب إعادة النظر في طريقة تدبير الموارد البشرية، وتكثيف المراقبة على سلوكيات بعض العاملين في القطاع الصحي.

ويرى مراقبون أن هذه القضية تعيد طرح النقاش حول مدى فعالية التدابير الحكومية في مكافحة الرشوة داخل المستشفيات العمومية، التي تعاني من مشكلات مزمنة تتعلق بالفساد وضعف الرقابة. كما يؤكدون أن إصدار هذه الأحكام يجب أن يتبعه اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الشفافية في تقديم الخدمات الصحية، وتطهير القطاع من كل من يثبت تورطه في استغلال المرضى لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

هذه الأحكام تعكس سياسة حازمة من قبل القضاء في مواجهة كل من تسوّل له نفسه استغلال ضعف المواطنين في لحظات حرجة لتحقيق مكاسب شخصية. ويبقى السؤال المطروح: هل ستشكل هذه الأحكام رادعًا كافيًا لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات؟ أم أن القطاع الصحي العمومي لا يزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تضمن للمواطنين حقهم في العلاج دون ابتزاز؟