اتصالات المغرب.. هل تبدأ مرحلة الإصلاح بعد حقبة أحيزون وتعيين محمد بنشعبون ؟

مراسلون 24

لم يكن تعيين محمد بنشعبون رئيسًا لمجلس إدارة اتصالات المغرب مجرد تغيير إداري عادي، بل جاء في سياق إعادة ترتيب الأوراق داخل أكبر شركة اتصالات في المملكة، بعد سنوات من التراجع والانتقادات الحادة التي طالت إدارتها السابقة بقيادة عبد السلام أحيزون.

قرار مجلس الرقابة بإسناد المهمة إلى بنشعبون يؤشر إلى توجه جديد، خصوصًا أن الشركة عانت خلال السنوات الأخيرة من أزمات متلاحقة، سواء على مستوى أدائها المالي أو سمعتها داخل السوق.

رحيل أحيزون كان متوقعًا، فالرجل قاد الشركة لأكثر من 26 عامًا، وشهدت حقبته سلسلة من الصراعات مع المنافسين والهيئات التنظيمية، وهو ما كلف الشركة غرامات مالية ضخمة كان من الممكن تجنبها. سياسة الاحتكار التي تبنتها الإدارة السابقة، بدلًا من فتح الباب للمنافسة والابتكار، جعلت اتصالات المغرب تواجه تحديات كبيرة، خاصة مع تصاعد مطالب العملاء بتحسين جودة الخدمات ومواكبة التطورات التكنولوجية.

تعيين محمد بنشعبون ليس اختيارًا عشوائيًا، بل يعكس رغبة المساهمين الرئيسيين، وعلى رأسهم المستثمرون الإماراتيون، في ضخ دماء جديدة داخل الشركة.

الرجل لديه سجل حافل في الإدارة الاقتصادية، حيث قاد وزارة الاقتصاد والمالية بنجاح، وأشرف على إصلاحات هيكلية عميقة، كما أثبت كفاءته في إدارة المؤسسات الكبرى من خلال ترؤسه لصندوق محمد السادس للاستثمار. لكن هل ستساعده هذه الخلفية في إنقاذ اتصالات المغرب من الركود وإعادة هيكلتها بما يتماشى مع تطورات قطاع الاتصالات؟

التحديات التي تنتظر بنشعبون ليست سهلة. أولها إعادة بناء ثقة العملاء الذين أصبحوا أكثر انتقادًا لجودة الخدمات والأسعار المرتفعة، وثانيها مواجهة المنافسة الشرسة من الشركات الأخرى التي تحاول كسر الهيمنة التقليدية لاتصالات المغرب. أضف إلى ذلك ضرورة التكيف مع التحولات الرقمية السريعة، خاصة مع اقتراب دخول تكنولوجيا الجيل الخامس، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة واستراتيجية واضحة للتطوير.

بعض المراقبين يرون أن الرجل قادر على تحقيق تحول إيجابي، خاصة إذا تبنى مقاربة جديدة تقوم على التنافسية بدل الاحتكار، والاستثمار في البنية التحتية بدل الدفاع عن المكتسبات القديمة. لكن نجاحه يبقى رهينًا بمدى قدرته على اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة في وقت قصير. هل سيكون محمد بنشعبون الرجل الذي يعيد لاتصالات المغرب بريقها، أم أن التحديات التي تنتظره ستقف حائلًا أمام طموحاته؟ الإجابة ستتضح خلال السنوات القليلة المقبلة.