عبد العزيز ملوك.
في الوقت الذي تمر منه دول المعمور من أزمات اقتصادية مختلفة حسب ما تمتلك الدول من ثروات ومؤهلات اقتصادية وتكنولوجيا عسكرية وفي الوقت الذي تراقب فيه دول عالمنا العربي في صمت ما يقع من إبادة جماعية وتهجير قسري لإخواننا في غزة يخرج الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب فجأة امام كاميرات العالم وهو يدلل نتنياهو ويقرب إليه الكرسي وكأنه حارسه الشخصي أو ضيفه المدلل.
فبعد اعادة تسمية خليج المكسيك إلى خليج أمريكا ودعوة الكنديين إلى الإنضمام لأمريكا وتصميمة على إلحاق جزيرة جرينلاند الدنماركية ببلاده هاهو الزعيم ترامب يذهب إلى أكثر من هذآ ذلك،حينما صرح اليوم أن:” الولايات المتحدة الأمريكية ستسيطر على قطاع غزة وستمتلكه”.
حتى الآن يبدوا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدد كي يحصل على أكبر ما يمكن من تنازلات ميدانية لصالح إسرائيل أولا واقتصادية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ثانيا قبل أن يقرر بين أحد الاختيارين وهو التكتيك المعمول به من طرف ترامب:
فإذا، كان طوفان الأقصى قد حقق لإسرائيل نتائج غير مسبوقة على الصعيد السياسي والعسكري وأنهى حلم الدولتين،خصوصا بعد تدمير القواعد الخلفية لحماس بكل من سوريا ولبنان وإيران، فإن ضم الضفة الغربية وقطاع غزة أصبح مجرد مسألة وقت بالنسبة لإسرائيل بعد صارت حماس مجرد جماعة فلسطينية متطرفة لم يعد لها دور في القضية الفلسطينية بحسابات الرئيس محمود عباس وجماعة فتح قبل إسرائيل نفسها.
هكذا إذن صنعت إسرائيل مجد حماس بالتدجين في سجونها وتمويل عملياتها عبر قطر ونشر إشعاعها عبر قناة الجزيرة الفضائية، لإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وإفشال حل الدولتين، وهو الحل ورط حماس فيه “إسحاق رابين” في أوسلو قبل اغتياله من قبل المتطرفين حيث كانت آخر أوراق الضغط الدبلوماسي لابقاء حل الدولتين في موت سريري الذي اشترطته المملكة السعودية كمقابل لتطبيعها مع إسرائيل،لكن حماس المدعومة من قبل قطر وخوفا من حل الملف بعيدا عنهما ( قطر، حماس)، نفذت خطة الطوفان وسحبت الجوكير من السعودية وقدمته في طبق من ذهب لإسرائيل في الوقت الذي قبلت السعودية بواقع ما بعد الطوفان لتقلص سقف التفاوض من قيام دولة فلسطينية إلى تعهد بدولة فلسطينية فقط…
لكن ما مصير حماس بعد نهاية دورها؟
هناك إثنين من السيناريوهات كلاهما متعلق بمصلحة أمريكا التي تريد التركيز على حربها مع الصين، وهي تحتاج الى دعم المملكة العربية السعودية بصندوق سيادي ضخم وموارد طبيعية، وموقع جغرافي سيكون قلب المعبر التجاري IMEC بين أوروبا والهند التي ستكون مصنع للعالم بدل الصين، لأن المملكة العربية السعودية منخرطة بشكل كبير في خطة ترامب، وهي التي أعلنت بعد فوزه للمرة الثانية عن إلغاء انضامها لمجموعة بريكست وسط حديث عن استثمارات تقارب تريليون دولار سعودي بأمريكا.
السيناريو الأول: يكمن في قدرة قطر من عدم الاقتصاد الأمريكي وتقويته باستثمار ضخم لضمان بقائها لاعبا أساسيا في العملية، ويحتاج أربع عوامل:
العامل الأول: قدرة قطر على تقديم عرض سخي لترامب على شكل استثمار قد يتجاوز تريليون دولار، يسمح بابقاء قاعدة العديد الجوية الأمريكية بقطر.
العامل الثاني: قبول حماس بالانتقال إلى حركة غير مسلحة تدير غزة أو تندمج في منظمة التحرير، ومدى قدرتها على التوافق مع باقي الأطراف ثم التفاوض على شكل من أشكال الحكم الذاتي وهذا أمر جد مستبعد لكنه ممكن.
العامل الثالث: مدى الضغوط التي ستمارسها تركيا كحليف للولايات المتحدة الأمريكية داخل حلف الناتو لدعم الخطة القطرية.
العامل الرابع: شروط السعودية للتعايش مع قطر بدون الجزيرة وتوظيف فلسطين للاساءة للانظمة الخليجية والعربية، على أن يبقى من المرجح جدا، السماح لإسرائيل بالقضاء عسكريًا على حماس بدعم من فتح والمملكة العربية السعودية.
لكن القضاء عسكريا على حماس أمر مستحيل دون إخلاء قطاع غزة بالكامل أو إبادتها بالكامل، في ظل تزايد مقاتلي حماس على الخصوص منذ بدأ عملية طوفان الأقصى دون نسيان أن، استعادة الرهائن الإسرائيلين سيشجع إسرائيل على إبادة ساكنة غزة بالكامل، وإحراج الأردن ومصر بمشاهد الدماء والقتلى والضغط الأمريكي للقبول بحل الترحيل في وقت يبدو فيه أن، نتانياهو متحمس أكثر للسيناريو الثاني فيما يبدو أن ترامب متحمس للسيناريو الأول في معادلة جد معقدة، ليبقى ترامب يهدد وسوف يزيد من التهديد والوعيد حتى يزيد من حجم تنازلات الأطراف ومن حجم رقم الاستثمارات القطرية والسعودية.
نتانياهو عينه على الضفة الغربية و ترامب عينه على الصين: واستثمارات بقيمة 2 تريليون دولار أي 7% من الناتج الأمريكي، معجزة مالية لإدارة ترامب وماسك، تكفيهما لتشغيل آلة الاقتصاد الأمريكية بسرعة الضوء بعيدا عن لهيب التنين الصيني.