بقلم خديجة الكور فاعلة حقوقية و سياسية
يمكن الإقرار بدون تردد أن الحملة الانتخابية المرتبطة باستحقاقات 8 شتنبر 2021 عرفت تنامي ظواهر تؤشر على بوادر تهدد الديمقراطية ومسعى الوطن لترسيخ الاختيار الديمقراطي، حيث تحولت معظم الأحزاب إلى دكاكين انتخابية لمنح التزكيات بمنطق تغيب فيه الحكامة و الشفافية و الوضوح ، إذ تمت المراهنة على المرشحين الميسورين القادرين على تحمل الأعباء المالية للحملة الانتخابية وعلى شراء الذمم إن اقتضى الحال وحتى و إن كانوا من ذوي السوابق وناهبي المال العام ومنعدمي الكفاءة والعلم والأخلاق، وذلك في خرق سافر لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
همشت النخب والكفاءات النسائية التي لم تحض برضى الكفيل والراعي السياسي على مستوى الجهة، تم إحباط عدد من الطاقات الشابة الواعدة وغاب النقاش السياسي ولم يتم أبدا التداول في آليات وميكانزيمات إعمال مضامين النمودج التنموي الجديد الذي يشكل وثيقة تعاقدية على المستوى الوطني ساهمت في إعدادها ثلة من القوى الحية بالبلاد وعبر تواصل القرب مع المواطنين والشباب.
وبدل النقاش في البرامج الانتخابية في لحظة مفصلية من تاريخ العالم وللوطن،تحول الفضاء العام الافتراضي إلى قاعة للأفراح مورس فيها التنكاف السياسي وليس التواصل السياسي الرقمي، وظهرت عندنا موضة جديدة رئيس الحكومة في -الميدة- يتم التسويق لهندامه وخصاله وقربه المفتعل من الفقراء والمحتاجين، وتم الاعتماد في الشارع العام على المستخدمين لا المناضلين للدعاية لمرشحين لا تربطهم بهم سوى –الزرقلاف-. وتنامت ظواهر العنف والمشادات الكلامية بين الفرق الحزبية المتبارية في خرق سافر لمقتضيات التدابير الاحترازية والتباعد الاجتماعي و ارتداء الكمامات التي شهدتها الحملات الانتخابية ، وعرف المشهد الإعلامي السمعي-البصري تقديم وصلات إشهارية لبرامج الأحزاب السياسية تفتقد لأبسط قواعد التواصل فظهرت في مجملها بئيسة وفارغة من محتواها،فضلا على انزلاقات على مستوى أخلاقيات العمل الصحفي بالصحافة الورقية و الإلكترونية .
وقد ساهمت كل هاته المظاهر في ترسيخ أزمة ثقة المواطن في السياسة والسياسيين وتعميق الهوة بين الأحزاب وما تبقى من قواعدها الشعبية وتكريس ظاهرة العزوف عن الانخراط في العمل السياسي
وقد عبر المواطنات و المواطنون عن هذا السخط عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنهم من أقر أنه سيقاطع الانتخابات
وأعتقد أن مقاطعة الانتخابات ليست أداة لتجاوز الواقع، لأنها ستجرى بمن حضر وسيختار غيرنا من سيدبر شؤون وطننا على المستويات الترابية والوطنية.
وتبقى الانتخابات رغم ما يشوبها من اختلالات هي فرصتنا الوحيدة لاختيار المواطنات والمواطنون الصادقون المحبون للوطن والمتوفرون على الكفاءات والمؤهلات الضرورية لخدمته ، وهي فرصتنا أيضا لقطع الطريق أمام الفاسدين والمفسدين وقطاع الطرق الذين اتوا للسياسة بهدف الاغتناء للامشروع من خيرات الوطن .
نعم المغرب خصو يزيد القدام، نعم المغرب يستاهل أحسن، ونعم المغرب خاصوا الإنصاف والكرامة والعدالة و المعقول نعم هناك سياسين قادين .
كل هاته الشعارات التي أتتث الحملة الانتخابية، تشكل آفاق لا يمكن ارتيادها إلا بحكامة الوطن من قبل الكفاءات الوطنية القادرة على خدمته والمتيمة بحبه،والتي يجب أن نسهر على اختيارها لتمثيلنا في مختلف المؤسسات على المستويات الترابية والوطنية ولكن نحرص ايضا على أن لا يتم تهميشها في مسلسل التعيينات التي تلي مسلسل الانتخابات و التي تهم اختيار المسؤولات والمسؤولين عن تدبير مختلف مؤسسات الوطن فالمواطنون هم المسؤولون عن حماية مصلحة الوطن وهم القادرون على إحداث التغيير وقطع الطريق على كل من يحاول سرقة حلمنا في بناء مغرب التطور والنماء والتجدد.
وفي هذا كان جلالة الملك واضحا في رسالته للسياسيين من خلال الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك بمناسبة حلول الذكرى 18 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟
لكل هؤلاء أقول :” كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة ، وإما أن تنسحبوا.