نهاية المسار السياسي لمارين لوبين، حكم قضائي ينتصر لاستقلال السلطة القضائية أم تصفية حسابات سياسية؟

عبد العزيز ملوك.

مع إدانة مارين لوبين بالاختلاس، وصدور حكم قضائي يقضي بمنعها من الترشح لانتخابات الرئاسة، يبدو أن قصة صعود زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، تتجه نحو انتكاسة قد تكتب نهاية طموح سياسي امتد لأزيد من ثلاثة عقود من الصعود والصمود وكاد يوصل مارين إلى رئاسة فرنسا 3 مرات.

‎هكذا إذن، أصدرت محكمة الجنح بباريس حكمًا يقضي بحبس مارين لمدة أربع سنوات، سنتان منها نافذة عبر إقامة جبرية باستخدام سوار إلكتروني وغرامة مالية قدرها 100 ألف يورو ومنعها من الترشح لأي منصب عام لمدة خمس سنوات، مع تنفيذ فوري لهذا المنع، مما سيحول دون مشاركتها في الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام
2027.

‎ففي الوقت الذي، يؤكد فيه البعض على ضرورة محاسبة الشخصيات العامة على أفعالها، بغض النظر عن مواقعها السياسية، مشددين على استقلالية القضاء، يرى فيه البعض الآخر على أن القرار يحمل أبعادًا سياسية تهدف إلى إقصاء لوبين من السباق الى رئاسيات العام 2027 باعتبار توقيت الحكم وتأثيره، المباشر على المستقبل المرأة السياسي، خصوصًا أن منافسيها هم المستفيدون الحقيقيون من إقصائها

بدأت مارين تجربتها السياسية العام 1998، عندما كانت في الثلاثين من عمرها، حين انضمّت للجهاز الإداري لحزب التجمع الوطني وأصبحت عضواً في اللجنة التنفيذية عام 2000، ثم شغلت منصب مديرة الشؤون القانونية حتى 2003، عندما أصبحت نائباً لرئيس الحزب.

اكتسبت لوبين، شهرة كبيرة في فرنسا رغم خسارتها انتخابات المقاطعات في 2002، إلا أنها نجحت بعدها بعامين في حجز مقعد بالجمعية الفرنسية، واستمرت في الصعود داخل الحزب، وأدارت حملة والدها الرئاسية عام 2007.

خاضت لوبان انتخابات الرئاسة 3 مرات، خسرت الأولى أمام نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند في 2012، وفي 2017 و 2022 بينما خسرت مرتين أمام الرئيس الحالي ايماويل ماكرون.

عبر العالم توالت ردود افعال مؤيدة لمارين إثر هذا الحدث ( الحكم)، حيث اعتبر الرئيس دونالد ترامب أن قضية مارين قضية كبيرة جدا مشبها وضع مارين لوبين اليوم في فرنسا بما حصل معه سابقا في الولايات المتحدة الأميركية.

ومن جانبه، اعتبر المستشار الأول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الملياردير إيلون ماسك،أن منع لوبين من الترشح “سيأتي بنتائج عكسية”، واصفا إدانتها بأنها “استغلال غير منصف للنظام القضائي الفرنسي”.

أما في هولندا، فقد أعرب زعيم اليمين المتطرف غيرت فيلدرز، عن “صدمته” من الحكم واصفا إياه بأنه “قاس بشكل لا يصدق”، معربا عن قناعته بأن ” قضاء الإستئناف الفرنسي سوف يتصدى للحكم ليمهد الطريق لمارين لوبين كي تصبح رئيسة لفرنسا لستستعيد بعدها جميع حقوقها، خاصة أنها طالبت مراراً خلال مسارها السياسي بفرض “عقوبات عدم أهلية مدى الحياة” على الساسة المدانين باختلاس المال العام على أن يبقى عدم اليقين بشأن ترشحها حتى خريف 2026 نقطة ضعف لها، حيث لن يتبقى لها سوى بضعة أشهر لجمع 500 توقيع لتحضير حملتها الانتخابية.