فاطمة الرمش – مراسلون 24
على الرغم من أن الكل يجمع على أن التراث يكون أشد ما يكون ارتباطا بماضي الإنسان وتاريخه وتجاربه القبلية ،كما أنه يعد من سمات بناء الذاكرة الجماعية التي من خلالها يستمد كينونته وهويته ويضمن استمرارية البقاء.
و مما لا شك فيه أن مساءلة التراث طرحت في بعض الأحيان آراء متناقضة فيما يخص تثمين التراث والاستفادة من مخزوناته، وطرق استعماله كمورد من الموارد التي لها من المؤهلات ما يمكنها من تحقيق حركية اقتصادية مهمة حيث أن هناك من ينظر إليه على أنه إبداع متجاوز يعود لفترة خلت، والبحث فيه يعتبر غير مجد، كما يعتبره هؤلاء نوع من التمسك بالتقاليد البالية التي لها تأثير معكوس على المعرفة والتطور، وبالتالي فهوا يساهم بشكل كبير في تأخر وتخلف وتراجع المتمسكين به والراغبين في انبعاثه.
بينما يذهب البعض الآخر إلى اعتباره مخزونا ثمينا تركه السلف لاجيال المستقبل ، يعكس الهوية الثقافية والفنية وطرق التفكير ،وتمثيلات مبدعة للحياة. وتأسيسا على هذه القناعات يمكن فهم الحاضر انطلاقا من الماضي عن طريق لمس هذا التراث ،ومن هذا المنظور يعتبر التراث مصدرا الإلهام والمعرفة ، وذاكرة جماعية توحد مجتمع ما وتوجه مستقبله.
في السياق ذاته هناك إتجاه آخر ينظر للتراث من زاوية نفعية ،حيث يزاوج بين البعد التاريخي التراث والبعد الاقتصادي الذي يمكن أن يندرج في إطار ه ،حيث يعتبر التراث مادة يمكن المراهنة عليها و توظيفها في أنشطة مدرة للدخل.
وفي الحديث عن التراث المادي وتثمينه نستحضر عنصر مميز من العناصر المكونة للتراث ألا وهو فن صناعة الخزف ،التي ترجع الى قرون غابرة احتك فيها بحضارات مختلفة أهمها الفينيقيون والرومان،كما كشفت بعض الحفريات والمآثر المتواجدة لندن عثيقة مثل وليلي وشالة وغيريها ،عن نماذج واشكال عريقة من هذه الصناعات تعكس عبقرية الصانع المغربي في هذا المجال عبر مختلف الحقب والازمنة.
إلا أن صناعة الفخار المغربي ،والسلاوي خاصة، الذي يعتبر فنا عريقا وعنصرا أساسيا ضمن موروث الصناعة التقليدية والهوية الثقافية للمدينة، هو اليوم في أمس الحاجة إلى تطوير وتحديث أدواته ،والعمل على كيفية تسويقه وطنيا ودوليا حتى يتمكن من الاستمراية في ظل انطفائه داخل مجال حدوده (مجمع الولجة) ولما لا رد الاعتبار صناعه الذين أوشكو على الانقراض.بعدما كانت هذه الصناعة مزدهرة في الماضي إلى أن أصبحت اليوم بين النسيان وأحيانا في سلة المهملات.
إلى أين نسير بهذا الاستهثار ! ألم يحن الوقت لانقاذ ما يمكن انقاذه.
ينتابك شعور بالحزن عند زيارتك لمجمع الولجة المكان المخصص لصناعة الخزف حيث توجد العديد من الورشات لصناعة الفخار إذ يجد فيها فقط أصحاب الورشات والقليل من السياح الاجانب..
إن التقدم والتطور لا ينبني على دفن الماضي ونسيانه بل بتجديده بطرق حديثة وعصرية واستغلاله في تنمية البلاد وتعريفه في كافة الأنحاء وتربية جيل صاعد على دراية بأهمية المحافظة على التراث المغربي بشتى أنواعه.