عصام حجلي- فاطمة القبابي
كل فرد يستطيع أن يضيء شمعة فقط حينما ينظر حوله وينطلق من نفسه، لينشر نوره في الأرض، “محمد صوف” واحد من أولئك الذين أشعلوا شمعة لتضيء ما ومن حوله، تجربة غزيرة ونوعية تتوزع بين الكتابة والقصة والرواية، انبثقت من رحم مخاض الألم والرؤيا الإبداعية لتتلألأ في سماء الكتابات الإبداعية والفنية، حتى غدت من الأسماء التي تظلل بسيرتها القارئ وتدفعه إلى الغوص في تجربة تتأرجح بين الواقع والخيال .
تجربة استوحى من معينها وفيوضها الإبداعية، تلاميذ الثانوية التأهيلية “خديجة أم المؤمنين”، العمل والمثابرة والإبداع والأمل المنبثق من الظلمة لنسج وغزل خيوط عالمها الصوفي الإبداعي، في لقاء فكري ثقافي بقاعة الأنشطة، مساء يوم الجمعة 11 أبريل الجاري، بحضور ثلة من الأساتذة والأطر التربوية والإدارية ، وذلك ضمن سلسلة لقاءات ” كاتب وكتاب” التي ينظمها نادي “خديجة للثقافة والإبداع”، بثانوية خديجة أم المؤمنين التابعة للمديرية الإقليمية سيدي البرنوصي بالدارالبيضاء.
تماشيا مع سياق الحدث تفاعل رئيس المؤسسة السيد “يوسف غطي”، مع أجواء المناسبة الثقافية، حيث أعرب عن سعادته الغامرة بتنظيم مثل هذه اللقاءات التربوية الثقافية، التي تسهم في تنمية وصقل مواهب المتعلمين، وانفتاحهم على الشأن الثقافي، ومد جسور التواصل، والنهل من ثقافة الكتاب والمبدعين.
كان اللقاء فرصة للتلاميذ للتعرف عن قرب عن الكاتب المبدع المغربي “محمد صوف”، وعمله الروائي الأخير “أولاد الكاريان”، وذلك بمد جسور التواصل والانفتاح الثقافي بين المؤلف والجمهور الناشئ، وقد تخلل فقرات اللقاء تقديم مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية، والتي لامست مسار الحياة والكتابة لدى “محمد صوف” صاحب “رحال ولد المكي”، “كازابلانكا”، و”الموت مدى الحياة”… .
وللغوص أكثر في سيرة الرجل الحياتية والإبداعية، وسبر أغوار تصوراته للوجود والموجودات، سافر الربورتاج الصحفي الذي أنجزه الإعلامي صلاح تابت إلى حضرة أعماق طقوس غزل الرجل لخيوط حبكة عالمه السردي والحياتي.
وحتى تمتد جسور النبش في ذاكرة المبدع محمد صوف، تقمصت التلميذتان أسماء ورجاء دور الصحفيتين في محاورة صحفية أنيقة تسللت من خلالها إلى المطبخ الداخلي للضيف المحتفى به.
سجل اللقاء مداخلات نقدية، لكل من الناقد والشاعر، الدكتور “محمد عرش”، الذي قدم ورقة نقدية في حق صديق الحياة والكتابة، تناولت مجريات وأحداث الرواية وفضاء الكاريان ورمزية توظيف شخصية “الباتول” في المتن الروائي، محاولا تبسيط المداخلة حسب مستويات المتعلمين الحاضرين للنشاط، وقد كان حضور الشاعر فرصة سانحة لقراءة قصيدة شعرية من عمق تجربته الإبداعية احتفاء بالمناسبة، وفرصة لاستعادة ذكريات ارتباط الشاعر بالمكان والناس والنوستالجيا في الوجدان والذاكرة.
أما مداخلة الناقد والباحث الدكتور، “محمد رزيق”، فقد سلطت الضوء على حيثيات العمل الروائي، واختياراته الإبداعية والفنية ورمزية ارتباطها بالواقع المعيش، مسجلا أن رواية “أولاد الكاريان”، رواية مزجت بين الواقع والخيال لتنقل خصوصية التجربة المغربية داخل فضاء” الكاريان” الذي يعد نقطة تألق وعطاء، ومنطلق إبداع حقيقي لدى الكثير من المبدعين المغاربة ، لا بؤرة سوداء في متخيل المجتمع.
قبل إسدال الستار على فعاليات هذه الأمسية الثقافية وإتمام نسج ثوب الحكاية، وإخراجها الفني، تم تكريم ضيف المؤسسة “محمد صوف” وتوزيع الشواهد على ضيوف النشاط والتلاميذ الذين عبروا عن سعادتهم بتوقيعات رواية أولاد الكاريان.