مراسلون 24 -ع. عسول
أجمعت مداخلات ثمانية نساء من القيادات السياسية والنقابية على ” الإقرار بالوضعية الهشة التي تعاني منها المرأة بصفة عامة والمرأة العاملة بصفة خاصة والمرأة القروية بتخصيص أكبر ؛ ما يتطلب تكثيف الجهود وتشبيك أشكال التنسيق والتعاون بين مختلف الأطراف المعنية بالنهوض بوضعية المرأة من نقابات وهيآت المجتمع المدني وأحزاب سياسية واتحاد المقاولات والحكومة..”.
وشددت رحاب حنان الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات في سياق مشاركتها بمائدة مستديرة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني أمس بسلا في موضوع ” حماية المرأة العاملة” ؛ أن النساء العاملات بالوحدات الصناعية والضيعات الفلاحية يتعرضن لمضايقات خطيرة على رأسها التحرش والإستغلال الجنسيين ؛ إضافة للظروف المزرية للعمل ؛ حيث أن هناك مئات الوحدات المغلقة غير المرخصة تشغل نساء عاملات في ظروف تنعدم فيها شروط السلامة والأمن ؛ مذكرة بحادثة معمل غير مرخص اجتاحته الفيضانات بطنجة مما أدى لوفاة عدد من الضحايا من بينهم العديد من النساء والأوضاع المزرية للعاملات بالضيعات الفلاحية بسيدي الطيبي..
واعتبرت رحاب أن مسؤولية الدفاع عن هذه الفئة الهشة من الطبقة العاملة يتطلب انخراطا نقابيا قويا ؛ و فسح المجال أمام النساء العاملات لتحمل المسؤوليات التنظيمية خصوصا وأنهن يشكلن الصفوف الأمامية في الواجهة النضالية..
و أكدت نفس المتحدثة أن جل المنظمات النسائية تهتم بأوضاع المرأة العاملة من خلال الترافع عن قضاياها؛ لكن تبقى في نظرها مسؤولية النقابات ذات أولوية ؛ علما أن المنظمات النسائية مستعدة لكل أشكال التشبيك والتعاون بين الهيآت النقابية والمدنية والسياسية .
من جانب آخر سجلت رحاب أن أول مدخل للتعاطي الجدي مع أوضاع المرأة العاملة يتأتى عبر مراجعة مدونة الشغل بما يتماشى مع التغيرات التي شهدها سوق العمل بالمغرب ؛والتزاماته الدولية في هذا المجال ؛ وهو مايتطلب أيضا انخراطا قويا للاتحاد العام للمقاولات بالمغرب و إخراج قانون النقابات والإضراب؛ وتقوية جهاز تفتيش الشغل و تحصين استقلاليته وتمتيعه بالصفة الضبطية حتى يقوم بمهامه بشكل سليم.
من جهتها أكدت نزهة بوشارب رئيسة منظمة النساء الحركيات أن مقاربة موضوع المرأة العاملة ؛ لا تكفي بشأنه القوانين ؛ يل يجب تغيير العقليات و والتعاطي معه بشكل شمولي غير تجزيئي .
وذكرت بوشارب بالجولات التي قامت بها هيأة الحزب النسائية عبر مختلف مناطق المغرب؛ وبلغت أربعين جولة خلال أربع سنوات ؛ تميزت بتنظيم ورشات ناقشت مشاكل وأوضاع المرأة بصفة عامة والقروية بصفة خاصة ؛ مؤكدة أهمية دعم النساء لتمكينهن من الإعتماد على أنفسهن وضمان استقلاليتهن المادية و استقرار أسرهن..
شرفات أفيلال رئيسة منتدى المناصفة والمساواة والوزيرة السابقة ؛ تسائلت عن التناقض الحاصل في مؤشرات تشغيل المرأة حيث تراجع المؤشر من 28 % إلى19% في الوقت الذي ازداد فيه بشكل كبير عمل المرأة خصوصا بالقطاع غير المهيكل !! وهذا يتطلب في رأيها إعادة النظر في احتساب نسبة النساء النشيطات والإهتمام بالنوع الإجتماعي في قطاعات الشغل لتحسين ظروف عمل المرأة بشكل عام و تحسين ترتيب المغرب في التقارير الدولية مثل تقرير دافوس حول الهوية الجندرية..
بدورها اعتبرت حلمية الشويكة ممثلة منظمة نساء العدالة والتنمية؛ أن موضوع المائدة المستديرة يسترعي تسليط الضوء أكثر على قضايا المرأة العاملة بالنظر لحجم معاناتها ويستحق أن يكون هذا الموضوع على رأس أجندات النقاش؛ مؤكدة على ضرورة استحضار علاقة التكامل بين شغل المرأة ووضعية الأسرة.
وسجلت المتحدثة أن المنظمات النسائية ومثلها منظمة نساء العدالة والتنمية ؛ تشتغل على مشاريع تهم المرأة لها طبيعة تشخيصية وترافعية وتكوينية. معتبرة أن هناك قوانين ايجابية تحتسب لصالح المرأة منها قانون مناهضة العنف ضد النساء والتنصيص على عدم التمييز الاقتصادي وقانون العاملات المنزليات .
مشددة على أن تسحين شروط عمل المرأة ؛ يمر عبر مراجعة شاملة لمدونة الشغل ومراعاة مقاربة النوع وخلق آليات التنزيل؛ و إعمال مسطرة الإستعجال في قضايا التحرش …إضافة لتفعيل دور الرقابة والمراقبة..
أما مريم الرميلي البرلمانية وممثلة الفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية ؛ فسجلت تأسيس فروع جهوية للفيديرالية لضمان تمثيلية المرأة ؛ حيث تم تنظيم لقاءات تواصلية وحملات جهوية تهدف للإطلاع عن قرب عن قضايا المرأة ومشاكلها وتطلعاتها ؛ ونظمت ورشات موضوعاتية حول التمكين الإقتصادي والسياسي للمرأة؛ وذلك لتعزيز دور المرأة داخل الدولة الإجتماعية ؛ حيث سيتم رفع توصيات في لقاء القمة للمرأة التجمعية ؛ وخلق لجنية لوضع كتاب أبيض وإصدار مذكرة ترافعية للنهوض بأوضاع المرأة.
مذكرة باهتمام الحكومة بأوضاع المرأة العاملة من خلال إطلاق مسلسل الحوار الإجتماعي و تحسين الأجور في القطاع الصناعي والفلاحي؛ ووضع ملفات قانون النقابات والإضراب على طاولة الحوار ؛وإطلاق برامج للتشغيل فرصة وأوراش وميثاق الإستثمار ؛ كما تم خلق اللجنة الوطنية للإنصاف والمناصفة؛ وغيرها من المبادرات الاجتماعية…
نجاة سيمو عضوة المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي ورئيسة اللجنة الدائمة المكلفة بقضايا التشغيل والعلاقات المهنية ؛ اعتبرت أنه لا اختلاف حول التشخيص الذي يبرز حجم معاناة المرأة العاملة خصوصا بقطاع الفلاحة والقطاع غير المهيكل؛ وأن الأهم هو تظافر الجهود بعيدا عن التقاطبات الحزبية والنقابية ؛ وتفعيل بنود مدونة الشغل فيما يخص عمل المرأة وحماية العمل النقابي؛ محذرة من الدعوات المستعجلة لمناقشة قوانين النقابات والاضراب ومدونة الشغل وذلك حتى لا يتم تمرير تراجعات لن تكون في صالح الأجراء والأجيرات ؛ تحت مسميات المرونة والحفاظ على مناصب الشغل بالدوس على حقوق العمال والعاملات..
من جهتهما شددت كل من فتيحة خورتال مستشارة عن فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب وعروب نظيرة عضو المكتب التنفيذي لنفس المركزية؛ على ضرورة التعاون والتنسيق للمساهمة في تحسين وضعية المرأة العاملة ومراجعة مدونة الشغل بما يعزز حقوقها ويحمي ممارسة العمل النقابي ويقوي من الدور الرقابي لمفتشي ومفتشات الشغل واعتماد مقاربة النوع الاجتماعي …
هذا وفي كلمة مقتضبة له؛ اعتبر المدير الإقليمي للشغل بسلا ” أن وضعية المرأة العاملة سجلت ارتفاعا ملموسا في عدد مندوبات الأجيرات و تطورا في مستواهن التعليمي ؛ كما يتم تسجيل رفع تدريجي في عدد مفتشي ومفتشات الشغل لتطوير عمليات الرصد والمراقبة ؛ وتشتغل الوزارة الوصية حاليا على مشاريع لتحسين مقاربة النوع داخل القطاع .. “…
ويذكر أن المائدة المستديرة حول ” حماية المرأة العاملة” قد افتتحت أشغالها بكلمة تقديمية لرئيس المؤسسة بوبكر الفقيه التطواني؛ معتبرة أن الموضوع يسائل جدلية النص القانوني والممارسة الميدانية سواء في الوحدات الصناعية المؤطرة بمدونة الشغل أو الوضعية المقلقة للمرأة القروية التي تعيش تحت وطأة الفقر والاقتصاد غير المهيكل؛ حيث تبرز دراسات واحصائيات نسبة ما بين 60% و80% من الساكنة النشيطة تزاول في الاقتصاد غير المنظم..محيلا على الدراسة العلمية التي أنجزتها المؤسسة بشراكة مع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات ؛ حول عمل المراة بالوحدات الصناعية( سلا نموذجا) والبحث الميداني المنجز مع النساء العاملات بالأسواق القروية بتيفلت والخميسات ؛ مبرزا أن المائدة المستديرة تشكل مناسبة للتعرف على البرامج والإقتراحات العملية للمنظمات والنقابات التي تمثلها المشاركات في هذا الموضوع.
و استعرض الباحث الجامعي مصطفى المناصفي أهم خلاصات الدراسة التي أنجزتها المؤسسة حول وضعية المرأة العاملة ( نموذج عينة عاملات بوحدات صناعية بسلا) ورفعت بعض التوصيات للسلطات العمومية بهدف تحقيق نوع من المصاحبة القانونية للنساء العاملات بغية تمكينهن من حقوقهن في مجال العمل. مما يتطلب ” الرفع من مستوى الرقابة وتوفير الآليات والإمكانات المادية والبشرية لذلك، من طرف الوزارة الوصية، بغية ضمان حقوق المرأة العاملة داخل الوحدات الصناعية. تنظيم ورشات تكوينية حول مدونة الشغل لفائدة النساء العاملات بالوحدات الصناعية.
المواكبة الحقوقية للنساء العاملات بالوحدات الصناعية، عبر تنظيم ورشات للتحسيس والتوعية بحقوقهن في سوق الشغل.تحسيس النساء العاملات بأهمية الانخراط النقابي والوصول إلى مراتب قيادية داخل التنظيمات النقابية.وضع آليات تضمن للنساء العاملات الإستفادة من التكوين المستمر ومحاربة الأمية بشراكة مع غرفة الصناعة التقليدية.وضع منصة رقمية أو رقم أخضر أمام النساء العاملات اللاتي تعرضن للتحرش.
وإلزام أرباب العمل على توفير وسائل نقل للعاملات، من أجل نقلهم من وإلى محل سكنهم ومقرات عملهم.