مراسلون 24 – ع. عسول
أعلى باحثون وأكاديميون خلال مناقشة موضوع ” السياسة بصيغة أخرى ” من أهمية دور المثقف والثقافة في استشراف المستقبل من خلال تحليل وفهم التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي وخصوصا على المستوى الإجتماعي والقيمي.
وأكد الباحث والأكاديمي في علم الاجتماع محمد طوزي عضو لجنة مراجعة دستور 2011 وإعداد النموذج التنموي؛في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني يوم أول أمس الأربعاء بسلا في موضوع ” السياسة بصيغة أخرى” ؛ أكد الطوزي ؛ أن المجتمع المغربي يعرف حاليا تنامي الفردانية والعزوبية وبروز رأي عام مشتت ؛ خاضع لسلطة مؤثري العالم الإفتراضي والصحافة؛ في ظل تصادم الشرعيات بين شرعية المنتخب و وذوي الخبرة..
وسجل الطوزي أن الظرفية الحالية للمغرب ، تبرز فعلا أهمية الحاجة “لسياسة بصيغة أخرى …” ؛ وبمقاربة تهدف لتنظيم وتقنين العلاقة بين المصالح ؛ والسياسة والبيزنيس ؛ وتنتصر للوطن و التقدم..مؤكدا أن وحده التفكير العلمي الهادئ والنزيه المبني على تحليل ودراسة التحولات الإجتماعية ، هو القادر على إعطاء معنى لها ؛ بما يفيد السياسي في بلورة البرامج التنموية واستشراف المستقبل؛ مسجلا أهمية مخرجات تقرير النموذج التتموي في هذا السياق ..
وفي تفاعله مع سؤال حول حصيلة عشر سنوات في ظل دستور 2011 ؛ قال الطوزي أن هذه الوثيقة القانونية تحتمل قراءات تأويلية مختلفة ومتقدمة من حيث المبادئ التي تحكم فصوله ؛ فهو يتضمن الديمقراطية المباشرة ( العرائض) وحتى الملكية البرلمانية من خلال “ربط المسؤولية بالمحاسبة” …واعتبر المتحدث نفسه أن تفعيل هذه الفصول من خلال القوانين التنظيمية يرتبط بعوامل عدة منها الإرادة السياسية ؛ والوعي المجتمعي وميزان القوى وغيرها من المحددات..مسجلا نجاح الدولة المميز في التعامل مع جائحة كورونا من خلال ” التفعيل الأمثل لدورها الحمائي والإجتماعي ” ..
من جهتها أكدت الناشطة الحقوقية في مجال الحركة النسائية فوزية العسولي ؛ في نقاشها لمضامين مدونة الأسرة ؛ أكدت أنه للأسف لم يتم القطع مع واقع التردد والإزدواجية ومنطق التوافقات ؛ حيث لازال التدبير التقليدي سائدا في مقاربة التحولات الإجتماعية العميقة بالنسبة التي عرفتها وضعية المرأة؛ من حيث ارتفاع نسبة العزوبية( 24% ) وتصاعد عدد النساء المعيلات للأسر( ازيد من 16 % ) ؛ وهو ما يتطلب أخذه بعين الإعتبار في وضع القوانين لضمان الحقوق الفردية والجماعية للمرأة ؛والإهتمام بتطوير الجانب الثقافي والوعي الإجتماعي لمواكبة هذه التغيرات القيمية..
الباحث والكاتب أحمد عصيد اعتبر أن موضوع ” السياسة بصيغة اخرى .تحت شعار أحبك ياوطني .” ؛ يطرح سؤالا إشكاليا الآن ؛ باعتبار أن “مفهوم الوطن وحب الوطن” يرتبط في ذهنية وتطلعات العديد من الشباب بوطن يحقق الحاجيات والتطلعات ويرسخ الشعور بالإنتماء والعيش المشترك..
وشدد عصيد على أولوية الفعل الثقافي في رسم السياسات الحزبية وبرامجها ومن تم السياسات العمومية ؛ بحيث أن دور الثقافة والمثقف هو الإهتمام بالقضايا والإشكالات الكبرى و تغيير الذهنيات لخلق وعي مجتمعي جديد ينسجم مع التطورات والتحولات ؛لمسايرة دينامية الدولة في اتجاه إشاعة الحقوق بشكل شمولي وعرضاني ..
وفي هذا المجال اعتبر عصيد أن المثقف الحزبي الذي كان ينير الطريق للسياسي ؛ إما ابتعد عن الحقل السياسي بعد شعوره بتقلص مساحة الحرية لذيه أو أصبح تقنيا داخل الوزارات والدواوين مكلفا بمهام تقنية ؛ مما أدى لتآكل وضمور دور المثقف الحزبي..
وأبرز المتدخل أن تقرير النموذج التنموي يتضمن مقترحات مهمة تعلي من شأن الفعل الثقافي في المجتمع والمدرسة وهي خطوة ومدخل في الإتجاه الصحيح للتنمية ؛مؤكدا على أن “السياسة بصيغ أخرى” ؛ تتطلب أن تنطلق المبادرات من الأسفل إلى الأعلى ومن خلال فتح المجال للتعبيرات المختلفة و المعارضة بما يعزز النقاش العمومي ويقوي الأفكار والإقتراحات والتصورات لشكل ونموذج العلاقة الأنسب والأنجع بين الدولة والمجتمع والفرد ..
وكان أبو بكر الفقيه التطواني رئيس مؤسسة الفقيه التطواني قد افتتح هذا اللقاء الذي أدار أشغاله محمد لغروس مدير موقع العمق المغربي ؛ بالقول أن موضوع “السياسة بصيغة أخرى” ؛ استفز فكريا العديد من المتتبعين والمثقفين، حيث اعتبره البعض متسائلا: هل الأمر يتعلق بنقاش لمنطلقات نقدية بديلة؟ والحقيقة أن هذا الإختيار مرده يرجع إلى رغبة المؤسسة في تقييم مسار سياسي حافل ببلادنا، هذا المسار الذي تعثر وأخفق في أحيان ونجح في أحيان أخرى.
وأضاف المتحدث ؛ خلال هذا البرنامج الممتد زمنيا، ستكون لنا وقفات حول القيم الجديدة والمؤسسات التقليدية التي فتحنا أعيننا عليها وألفناها لحد الاعتقاد بأنها قيم ومؤسسات طبيعية وأبدية، كما ستكون وقفات حول الديمقراطية التشاركية وحول الملفات الإجتماعية وحول تقرير النموذج التنموي وحول دور المقاولة في بعدها الإجتماعي.
وسجل رئيس المؤسسة المنظمة ؛ ” أننا نعيش مرحلة النهايات كما قال بعض المفكرين ولكل نهاية بداية جديدة ومع هذا الوعي المزدوج يفترض أن تتضح الرؤية والمسؤوليات والأدوار الجديدة.
لقد خطا المغرب خطوات كبيرة منذ الاستقلال ومنذ ما يزيد عن عقدين من الزمن تحديدا في مجالات الإصلاحات المختلفة دستوريا وقانونيا ومؤسساتيا؛ تحولات متعددة الأشكال أدت إلى التغلغل التدريجي في ثقافة الحداثة وثقافة الحقوق والحريات.
حيث يسائل الفاعل السياسي والمدني هذا الكم الهائل من النصوص والنظريات، كما أن الديمقراطية تجد نفسها أمام اختبار حقيقي باعتبارها لا تصبح مكتملة دون أن يمارس كل واحد منا حقوقه كاملة في المشاركة الفعلية في الآختيار” .