مراسلون 24 – الرباط
عبدالإله عسول
في إطار الجهود المبذولة من طرف وزارة الشغل والإدماج المهني في مجالي محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال وحماية حقوق المرأة في العمل، وانسجاما مع التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، ترأس سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، مرفوقا محمد أمكراز، وزير الشغل و الادماج المهني اليوم الجمعة 29 نونبر 2019بالرباط ، مراسيم التوقيع على 19 اتفاقية شراكة مع جمعيات مع تسعة عشر (19) جمعية، إحدى عشر (11) منها تعمل في مجال محاربة تشغيل الأطفال، و(8)حماية حقوق المرأة في العمل، وذلك من أجل الاستفادة من الدعم المالي العمومي برسم سنة 2019.
وبهذه المناسبة، شدد رئيس الحكومة، على الدور الريادي الذي تقوم به جمعيات المجتمع المدني من أجل محاربة كل أشكال تشغيل الأطفال وكذا حماية حقوق المرأة في فضاءات العمل. مؤكدا أن دور المجتمع المدني يبقى محوريا لأنه يسهم في مكافحة مثل هذه الظواهر في العمق، وعلى أرض الواقع، بحكم قرب الجمعيات من مختلف فئات المجتمع.
ولم يخف رئيس الحكومة انزعاجه من ظاهرة تشغيل الأطفال، داعيا الجمعيات إلى التعبئة الكبيرة لمكافحة الظاهرة وحماية الأطفال من التشغيل ومن الأعمال الخطيرة وكذا من التشغيل في البيوت، مشيرا بالمناسبة الى قانون العمال المنزليين الذي أولته الحكومة عناية خاصة، لما له من إيجابيات للحد من ظاهرة تشغيل الأطفال.
أما فيما يتعلق بحماية حقوق المرأة في العمل، فقد وصفه رئيس الحكومة بالمهم، وبذلت من أجله مجهودات منذ حكومات سابقة، غير أن الوصول إلى المساواة وتحقيقها في مجال العمل، يقول رئيس الحكومة “ما زال يعرف نقصا وما زال تحسين ظروف العمل يطرح عوائق”، مذكرا بمحاور الاتفاقية الموقعة مع وزارة الشغل والتي همت ثمان جمعيات تنشط في مجال حماية حقوق المرأة في العمل، والتي تسعى إلى ترسيخ ثقافة المساواة المهنية داخل المقاولة وتمكين النساء من التوفيق بين كافة مهامهن ومسؤولياتهن.
وفي هذا السياق، شدد رئيس الحكومة على ضرورة تعزيز مشاركة فعالة وفاعلة للمرأة، بما يضمن لها التمكين المنشود، ويوفر لها الظروف المساعدة لتتقدم في عملها المهني، ولتشعر بالارتياح في حياتها الخاصة والأسرية.
من جانبه، أكد محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني على أن مسألة حماية الطفولة والنهوض بحقوق المرأة في العمل أضحتا من القضايا الوطنية الأساسية التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، والفعاليات الحقوقية، والمجتمع المدني، كما توجد في صلب السياسات العمومية والبرامج الحكومية بشكل عام لكون الإشكاليات المرتبطة بظاهرة التشغيل المبكر للأطفال والاستغلال الاقتصادي لهم ووضعية المرأة داخل مجال عملها تشكل هاجسا يؤرق بال المنتظم الوطني والدولي، وذلك بالنظر لما يترتب عنها من مضاعفات على مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي لهاتين الفئتين، وما تخلفه من آثار سلبية أساسها المخاطر التي تحدق بهما، وتهدد حياتهما، ومسارهما. مستحضرا ما تم تحقيقه من الإنجازات على الصعيدين التشريعي والمؤسساتي، والتي ساهمت في خلق دينامية فعالة مكنت من إحراز تقدم في مجال التخفيف من حدة استغلال الأطفال والنساء في السنين الاخيرة، وذلك بفضل الجهود المبذولة من طرف القطاعات الحكومية المعنية وباقي الفاعلين الآخرين.
وأشار أمكراز الى أن المغرب وهو يخلد هذه السنة الذكرى الثلاثين لاعتماد الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل لسنة 1993 قد أبان عن الوفاء بالتزامه المتواصل بالنهوض بحقوق الطفل، وما نتج عن ذلك من طفرة نوعية على مستوى الترسانة القانونية الوطنية ذات الصلة، حيث تعززت هذه المنظومة بدخول القانون رقم 12-19 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، إلى حيز التنفيذ، ليشكل بذلك مرتكزا أساسيا لبناء لحمة الاندماج الاجتماعي، ومدخلا هاما لتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الأساسية لهذه الشريحة الاجتماعية التي عانت ولسنوات عديدة من الاستغلال والتمييز والتهميش.
كما نبه الوزير إلى أنه وبالرغم مما تم تحقيقه من انجازات فإن التحديات والإكراهات في مجالي تشغيل الأطفال والنهوض بوضعية المرأة في العمل لا زالت مطروحة، مما يتطلب حشد المزيد من الطاقات لمواجهة كل أشكال التمييز والاستغلال الاقتصادي لهاتين الفئتين، وذلك من خلال تكثيف الشراكة في هذا الميدان مع المجتمع المدني، وتعبئة الكفاءات ومختلف الوسائل والامكانيات، وصياغة رؤى وآليات عمل خاصة فيما يتعلق بتحقيق الأهداف المتمثلة في انتشال الأطفال أقل من 15 سنة من كل أشكال العمل في أفق إدماجهم في المنظومة التربوية وفي مؤسسات التكوين المهني التي تتناسب مع وضعيتهم ومؤهلاتهم، وانتشال الأطفال من الفئة العمرية ما بين 15 و18 سنة من الأشغال الخطيرة التي تفوق طاقتهم أو تضر بصحتهم وتعرقل نموهم الطبيعي، إضافة الى سحب الطفلات القاصرات من العمل المنزلي والعمل على إيجاد البدائل لهن، سيما وأن القانون رقم 12-19 الذي سبقت الاشارة إليه قد دخل حيز التنفيذ.
أما فيما يتعلق بحماية حقوق المرأة في العمل وإقرار المساواة المهنية، فقد أبرز السيد الوزير أن إيلاء العناية لهذا المجال من شأنه أن يرفع الحيف عنها و يعزز حمايتها من كل أشكال التمييز، وهو ما يتطلب العمل على ترسيخ ثقافة المساواة بين الجنسين في مختلف مناحي الحياة، ولاسيما في مجال العمل على مستوى كافة القطاعات الإنتاجية. مشيرا إلى أن البرنامج الحكومي وضع أهداف تحقيق المساواة في صلب انشغالاته مؤكدا على ضرورة إشراك كافة المتدخلين من مؤسسات الدولة والفاعلين في القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، من أجل كسب رهان المساواة المهنية، ليس فقط على المستوى التشريعي والمؤسساتي، بل كذلك على مستوى البرامج الواعدة والمبدعة والواقع والممارسة.
ومن هذا المنطلق، أبرز محمد أمكراز انه بالرغم مما تحقق من إنجازات فإن قضايا التمييز في العمل والمساواة في الأجور بين الجنسين وتكافؤ الفرص، تبقى من المواضيع التي تثير العديد من الاشكالات على مستوى الواقع والتي ستكون اتفاقيات الشراكة من بين الآليات المناسبة لمعالجتها في إطار مقاربة تشاركية قوامها التشاور والتنسيق وتقاسم التجارب الفضلى وذلك لمواجهة الصورة النمطية المتسمة بعقلية المقاومة لتطبيق القوانين المتعلقة بمساواة النوع في العمل، وتكريس ثقافة المساواة المهنية بين الجنسين، ومبدأ التوفيق بين الحياة الخاصة والمهنية للمرأة، وتنمية ريادة الأعمال النسائية.
واستحضر الوزير المبادرة الوطنية المتعلقة بالنسخة الرابعة لجائزة المساواة المهنية لهذه السنة، والتي يعتبر هذا اليوم هو آخر أجل لتلقي طلبات الترشيح لنيلها، وذلك بغية تتويج المقاولات النموذجية التي أبانت على احترامها للمعايير المتعلقة بحقوق المرأة في العمل، سيما مبدأ المساواة وعدم التمييز في الشغل والأجر، وذلك تطبيقا للتشريعات الوطنية والدولية ذات الصلة، وكذا تجسيدا للسياسة العمومية الهادفة إلى حماية النساء والنهوض بأوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية.