هشام العصادي – مراسلون 24
أطلقت السلطات المحلية بمدينة سلا مؤخرا ، برنامجًا تنمويًا خاصا للقضاء على أحياء الصفيح المتاخمة بربوع المدينة ، وقد خصصت لذلك اعتمادات مالية وبشرية خاصة رصدت من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، فهذه الأحياء بقيت على حالها منذ عقود من الزمن ، ما جعلها تشكل إحدى القنابل الاجتماعية الموقوتة التي ينتظر انفجارها في أي وقت وإحدى مخلفات الاستعمار والتهميش و استغلال المنتخبين لهذه الشريحة عند حلول كل فترة إنتخابية .
وقد تصدّرت أحياء الصفيح المنتشرة كالفطر فوق الرقعة الجغرافية لمدينة سلا ، معظم المشاكل الاجتماعية العديدة التي أثقلت كاهل السلطات لعقود من الزمن .
بداية نشأة هذه الأحياء كانت خلال فترة الاحتلال الفرنسي والإسباني للمغرب أي في بدايات القرن العشرين، حيث ظهرت في تلك الفترة بيوت من الصفيح تنبت شيئًا فشيئًا على هوامش بعض المدن، يسكنها خصوصًا الإسبان من الطبقة الفقيرة الذين نزحوا إلى البلاد.
مباشرة بعد الاستقلال، تحولت ملكية تلك البيوت إلى مواطنين مغاربة، فتكاثرت المساكن القصديرية لتصبح عبارة عن أحياء كبرى قائمة بذاتها في ضواحي المدن الكبرى دون تهيئة، وبمرور الوقت تحوّلت هذه المساكن الصفيحية إلى منازل عشوائية مبنية من حجارة وطين.
تتعدد التسميات التي تطلق على هذه الأماكن، فالبعض يحب مناداة هذه الفضاءات بـ”السكن العشوائي” أو “البراريك” أو “الكريان” أو دور القصدير أو مدن الصفيح، لكنه في النهاية فضاء جغرافي واحد، يحتوي على “مساكن” لا تتوفر فيها أبسط ظروف العيش.
ويعتبر الحيّان الصفيحيان المعروفان باسم سهب القايد و الديبو الأكثر استقطابًا للبسطاء في مدينة سلا، وتشتهر معهم أيضًا، إحياء أخرى، أصبحت رمزًا لأحزمة الفقر الهامشية التي يسكنها آلاف الأسر ، وتمتد على مساحات ناهزت الهكتارات وتضم العديد من أكواخ الصفيح القصديرية قبل أن تتحول إلى بيوت قصديرية مبنية بطريقة عشوائية ودون تصاميم قانونية.
ظلت هذه الأحياء وغيرها من الأحياء بمدينة سلا موغلة في الفقر والتهميش ومنسية تمامًا طيلة عقود طويلة من الزمن تقتات منها مجموعة من السماسرة بتواطؤ مع بعض رجالات السلطة من قياد وأعوان للسلطة حيث تناسلت وتوالدت هذه الأحياء على مرأى و مسمع العديدين منهم مقابل غض الطرف ومناولة المستفيدين وثائق وهويات مجهولة الأساس والمصدر فضلا على ركوب المنتخبين زمن الإنتخابات أمواج الأحياء الصفيحية وحشد آلاف الأصوات مقابل تغريرهم بالاستفادة من السكن اللائق وفق برنامج فاشل كفشلهم في تسيير دفة شؤون المدينة .
غير أن السلطات اليوم بقيادة عامل صاحب الجلالة على مدينة سلا السيد عمر التويمي كانت اكثر جرأة هذه المرة ورفعت تحدي القضاء على مدن الصفيح بمدينة سلا وسائرة في تحقيق وعودها ، رغم العديد من المعيقات والاكراهات والتي يبقى من أهمها من تشبت بعض السكان البقاء في بيوتهم القصديرية، لعدم قدرتهم على دفع تكاليف المنزل الجديد أو رغبتهم البقاء في المكان الذي تربوا فيه او لاستئناسهم العيش المجاني دونما آداء تكلفة الماء والكهرباء والضرائب المنزلية.
وبتتبعنا للوضع الحالي المصاحب لمحاربة دور الصفيح وهو موضوع الساعة الحالي بمدينة سلا سنجد ان سلطات المدينة قد قدمت لساكنة هذه الدور امتيازات ومساعدات لم تكن في الحسبان رغم جميع المغالطات التي يروج لها بعض السماسرة أو من ألفوا الاقتيات من التسيب و الفوضى أخدا بعين الاعتبار الدعم النفسي العيني والمالي المقدم لهذه الشريحة مقابل الاستغناء عن دور صفيحية عمرت لعقود من الزمن ..
وما يؤسف له حقا هو رفض البعض التعاون مع سلطات المدينة رغم ان الفرصة جد مواتية لطي ملف لطالما استمر لاجيال وأجيال بدعوى ان عائلات تبحث عن الإستفادة المتكررة لأبنائها وأحفادها أو أن السكن الممنوح غير لائق أو بعيد عن المكان الذي ترعرعوا فيه او لادعاءات بتحريض من بعض السماسرة ومن ألفوا الاصطياد في الماء العكر من أجل عدم تفويت فرصة الحصول على الأتاوات وتعطيل البرنامج ككل إلا أن نسائم رياح التغيير يبدو أنها قد سبقت هذه المرة كل التكهنات والافتراءات وان اجتتاث الفساد لطالما قادم من أجل توفير ظروف عيش افضل لشريحة تنكرت لغذ افضل .