مراسلون 24 ـ و.م.ع
أكد الملك محمد السادس، اليوم الخميس، أن الاستثمار في الجوانب اللامادية للتنمية البشرية يشكل المنطلق الحقيقي لبناء مغرب الغد. وشدد في رسالة موجهة إلى المشاركين في أشغال الدورة الأولى من المناظرة الوطنية للتنمية البشرية، التي انطلقت اليوم في الصخيرات، تحت شعار “الطفولة المبكرة: التزام من أجل المستقبل”، على أن “الاستثمار في الجوانب اللامادية للتنمية البشرية، والذي تعتبر الطفولة المبكرة أحد محاوره الأساسية، يشكل المنطلق الحقيقي والقاعدة الأساسية لبناء مغرب الغد”.
وأكدت الرسالة الملكية، التي تلاها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أن “هذه الخطوة تعد أحد التحديات الواقعية التي نراهن على كسبها، من أجل فتح آفاق واعدة، وتوفير فرص جديدة أمام الأجيال الصاعدة”. وفيها أبرز الملك أن “المغرب بذل مجهودات جبارة في ميدان الاهتمام بالطفولة المبكرة، من خلال تقليص نسبة الوفيات لدى الحوامل والأطفال، وكذا نسبة تأخر النمو وتحسين التغذية، والاستفادة من التعليم الأولي والخدمات الصحية لهذه الفئة”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “الواقع لا يزال يعرف عجزا ملموسا على هذا المستوى، بفعل ضعف التنسيق في إعداد السياسات العمومية، وغياب الالتقائية والانسجام في التدخلات”.
واعتبر الملك محمد السادس، في هذا الصدد، أن الفوارق المجالية والاقتصادية والاجتماعية تزيد من حدة هذا الوضع، ثم أردف أنه “لمواجهة هذه الوضعية المزمنة فإن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بحكم الطابع الأفقي لتدخلاتها، ودورها كرافعة رئيسية للتنمية الاجتماعية، تعتبر نموذجا يحتذى به لتوحيد مختلف الجهود، وتعزيز آليات المسار التشاركي على المستوى الترابي، وتنسيق السياسات العمومية، في إطار استراتيجية محكمة المراحل، متعددة الواجهات، متكاملة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية”.
وشددت الرسالة الموجهة إلى “مناظرة الصخيرات” على أن من شأن التفعيل العملي والجيد للبرنامج المتعلق بالطفولة المبكرة، التي تعد مرحلة مفصلية في حياة الفرد، التصدي لعوامل التفاوتات، وذلك من خلال استهداف دقيق للفئات المعنية، المنحدرة من الأوساط الفقيرة والمعوزة.
الملك محمد السادس ذكر، في هذا الإطار، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جعلت من الاستثمار في الجوانب اللامادية للرأسمال البشري أولوية الأولويات، باعتبارها منطلق الإصلاح، وقاعدة بناء المستقبل، مشددا على ضرورة تعميم هذا التوجه في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية الاجتماعية من أجل إيجاد حلول ناجعة للمشاكل الحقيقية للساكنة، من خلال اختيار أفضل المقاربات، وابتداع أنجع السبل الكفيلة بتجاوز معيقات التنمية البشرية الشاملة.
كما دعا الملك، ضمن هذا التوجه، إلى “ضرورة تحسين النظام الصحي، عبر الاهتمام أكثر بصحة الأم والطفل، بما يضمن العدالة والانصاف في الولوج للخدمات الاجتماعية، وكذا توفير عرض متجانس للتعليم الأولي وتعميمه، خاصة بالمجال القروي، لمحاربة الهدر المدرسي”، وطالب بضرورة تنظيم حملات للتوعية والتحسيس في صفوف المستهدفين بأهمية هذا الموضوع، وانعكاساته الإيجابية على الطفل والأسرة والمجتمع. وذلك في انسجام مع التوجيهات المضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي.
وبعد أن سطّر الملك محمد السادس على ضرورة أن تناقش المناظرة الوطنية للتنمية البشرية الجوانب المتعلقة بالحكامة والتمويل والتكوين، من أجل الارتقاء بجودة الخدمات، وتشجيع روح المبادرة والإبداع، ونشر الوعي لدى الفئات المستهدفة، سجل أن الأمر يتعلق بالمقومات الأساسية لنجاح هذا التوجه الاجتماعي الجديد، الذي يجعل من تنمية الجوانب اللامادية خيارا لا محيد عنه، من أجل كسب رهان هذه المرحلة الحاسمة في نمو الفرد، وضمان انفتاحه على المستقبل”. ودعا، في هذا الإطار، على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحقيق التوازن والعدالة والإنصاف، بعيدا عن معيقات الفقر والإقصاء الاجتماعي.