مراسلون 24
في خطوة غير مسبوقة تنذر بتصعيد خطير في العلاقات بين البلدين، اتهمت حكومة مالي النظام الجزائري بشن هجوم عدائي على أراضيها، عقب إعلان إسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي من طرف القوات الجزائرية على مستوى الحدود المشتركة، وتحديدًا قرب بلدة تين زواتين.
جاء ذلك في بيان رسمي بثه التلفزيون المالي مساء اليوم، حيث وصف المجلس العسكري الانتقالي في باماكو الحادث بـ”العمل العدواني غير الودي وغير المسبوق”، معتبرا أنه يشكل اعتداءً سافرًا على سيادة مالي، ويمثل انقلابا جذريًا على تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قال سابقًا إن “90% من الحل في مالي يوجد في الجزائر”.
البيان المالي لم يكتفِ بالإدانة، بل وجه اتهامًا خطيرًا إلى الجزائر بـ”رعاية الإرهاب الدولي”، مشيرًا إلى أن إسقاط المسيّرة المالية كان يهدف ـ حسب تعبيره ـ إلى عرقلة عمليات استهداف جماعات مسلحة إرهابية أعلنت مسؤوليتها عن اعتداءات على الأراضي المالية، في سابقة تنذر بتفكك ما تبقى من التعاون الأمني بين الجانبين.
وفي رد فوري، أعلنت الحكومة الانتقالية في مالي عن ثلاثة قرارات تصعيدية حازمة:
استدعاء السفير الجزائري للاحتجاج الرسمي على هذا “العدوان السافر”.
الانسحاب الفوري من لجنة الأركان المشتركة (CEMOC)، التي تضم دول الساحل وتُشرف على التنسيق الأمني بينها.
رفع شكوى أمام الهيئات الدولية ضد النظام الجزائري، بسبب ما وصفته بـ”الأعمال العدوانية”.
وربط البيان أيضا هذا “العدوان العسكري الجزائري” بما أسماه “تناقضًا صارخًا” مع دعم مالي التاريخي للثورة الجزائرية، حين شارك آلاف الماليين في دعم جبهة التحرير الوطني إبان الاستعمار الفرنسي، في إشارة اعتبرها مراقبون تلميحًا إلى خيانة الذاكرة المشتركة.
ولم تتوقف حكومة مالي عند الجانب الدبلوماسي، بل أكدت أن قواتها المسلحة ردّت عسكريًا بعد الهجوم، من خلال تنفيذ عمليات عسكرية “ناجحة” استهدفت مواقع لجماعات مسلحة في منطقة تينزاواتن وأماكن أخرى، مؤكدة أن هذه العمليات “ستتواصل وقد تتكثف تبعًا لتطور الوضع الميداني”.
هذا التطور الخطير في العلاقات المالية الجزائرية يأتي في سياق توترات متصاعدة بين الجزائر وعدد من دول الساحل، على خلفية اتهامات بدعم جماعات مسلحة، ومحاولات الهيمنة السياسية على قرارات سيادية لهذه الدول. كما يُتوقع أن تكون لهذه الأزمة تداعيات على مستقبل التنسيق الأمني الإقليمي، وسط صمت جزائري رسمي حتى الساعة، وترقّب إقليمي ودولي لما سيحمله الرد القادم من الجزائر.