مراسلون 24 – وكالة
أكد روبرت ستيفن فورد سفير الولايات المتحدة السابق في الجزائر أن نتائج الانتخابات النيابية في الجزائر التي جرت في 12 يونيو الحالي أظهرت عمق الانقسام الذي تعيشه البلاد.
وأكد فورد أنه من ناحية، يوجد نظام سياسي يقوده الرئيس “عبد المجيد تبون” ويدعمه الجيش الذي يرفض التغيير العميق، وعلى الجانب الآخر توجد أغلبية الشعب التي فقدت الثقة بالنظام القديم.
وقال الديبلوماسي السابق في مقال له بـ”معهد الشرق الأوسط” إن النتائج المعلنة أظهرت عودة الأحزاب السياسية التي فقدت مصداقيتها والتي كانت تدعم بقوة الرئيس السابق “عبد العزيز بوتفليقة”، ولكن الرئيس “تبون” أصبح أكثر عزلة من أي وقت مضى.
من ناحية، يوجد نظام سياسي يقوده الرئيس تبون ويدعمه الجيش الذي يرفض التغيير العميق، وعلى الجانب الآخر توجد أغلبية الشعب التي فقدت الثقة بالنظام القديم.
ويشير الكاتب إلى أن ما صرحه تبون حول “عدم اهتمامه بالتراجع القياسي في نسبة التصويت”، يشير إلى “المسافة بينه وبين معظم الشعب الجزائري”.
ويؤكد فورد أن جبهة التحرير الوطني، التي هيمنت على السياسة الجزائرية منذ الاستقلال، كانت في أزمة قبل عامين. لكن بعد انتخابات 12 يونيو، سيكون لديها أكبر كتلة برلمانية مع 105 مقاعد من أصل 407.
وفي حين تراجع نصيب جبهة التحرير الوطني بشكل كبير عن برلمان 2017، فإنها ستجمع بسهولة بعض الكتل الحزبية الأخرى والمستقلين في ائتلاف الأغلبية لدعم الرئيس “تبون”.
ويشدد السفير السابق على أن حركة الاحتجاج الضخمة في الشوارع، المعروفة باسم “الحراك”، نجحت في تأمين مقاطعة واسعة للانتخابات.
وأظهرت نتائج السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 23% فقط ممن لهم حق التصويت، انخفاضا من 40% الذين صوتوا في انتخابات 2019 الرئاسية، و35% في انتخابات 2017 التشريعية.
وتتطابق نسبة الإقبال البالغة 23% تقريبا مع نسبة 23% في الاستفتاء الدستوري في نوفمبر 2020.
وكان الإقبال في 12 يونيو منخفضا بشكل خاص في المنطقة المضطربة ذات الأغلبية البربرية شرق العاصمة.
وفي ملاحظة مثيرة للنقاش يقول الكاتب إن نجاح “الحراك” في تفعيل المقاطعة أدى إلى تسهيل حصول الأحزاب الموالية للحكومة على الأغلبية في البرلمان الجديد.
بالإضافة إلى ذلك، أدى انتشار الأحزاب السياسية الجديدة والقوائم المستقلة اسميا، المدعومة من الحكومة، إلى تشتت الأصوات المناهضة للحكومة.
ومن التغييرات الكبيرة التي طرأت انخفاض عدد البرلمانيات من 112 في مجلس 2017 إلى 34 فقط في البرلمان الجديد.
ما صرحه تبون حول “عدم اهتمامه بالتراجع القياسي في نسبة التصويت”، يشير إلى “المسافة بينه وبين معظم الشعب الجزائري”
ومن المقرر أن يبدأ البرلمان الجديد عمله في أوائل يوليو.
وسيعين “تبون” رئيس وزراء جديدا بمجرد تشكيل ائتلاف برلماني يدعم برنامجه.
وسيواجه الفريق الجديد تحديات اقتصادية هائلة.
ويتوقع قطاع المحروقات في الجزائر تراجع الإنتاج والصادرات، وبالتالي انخفاض الإيرادات الحكومية وعائدات النقد الأجنبي.
وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد بشكل حاد على مدى الأعوام الـ 10 الماضية.
وتتفاقم المشاكل المزمنة مثل البطالة ونقص المساكن وضعف القوة الشرائية.
وقد أدركت الحكومة منذ فترة طويلة الحاجة الملحة لتطوير قطاعات جديدة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، لكنها لم تكن قادرة أبدا على خلق بيئة تنظيمية ومناخ أعمال يجذب استثمارات محلية وأجنبية.
وفي الوقت نفسه، لا تزال جائحة “كوفيد-19” تلقي بظلالها على البلاد، حيث تعاني منظومة الرعاية الصحية مثل جميع الخدمات العامة الأخرى.
ويشير الكاتب إلى أنه من المحتمل ألا يجد “تبون” ورئيس الحكومة المقبل الكثير من الأفكار الجديدة والإبداعية من داعميهم في البرلمان.
ويرى السفير السابق أنه يمكن للجيش و”تبون” وداعميهما أن يشعروا بالارتياح لعدم تجدد الأزمة التي واجهت النظام في عام 2019، عندما خرج الملايين إلى الشوارع في مسيرات احتجاجية ضد إعادة انتخاب الرئيس “بوتفليقة”.
ويشير إلى أن قوات الأمن قامت، في الوقت الحالي على الأقل، بقمع الاحتجاجات التي نظمها “الحراك”، واعتقلت المئات وحكمت على عشرات الناشطين بالسجن لردع المزيد من الاحتجاجات.
“الحراك” نجح في تأمين مقاطعة واسعة للانتخابات، لكنه لم يطور قيادة واضحة أو برنامجا بديلا يمكن للشعب الالتفاف حوله.
وبحسبه من المرجح أن يمضي “تبون” والحكومة قدما دون اعتبار للمعارضة لأن “الحراك” لم يطور قيادة واضحة أو برنامجا بديلا يمكن للشعب الالتفاف حوله.
وكان “تبون” قد دعا إلى ظهور طبقة سياسية جديدة مرتبطة بالمجتمع المدني الجزائري ومتميزة عن النظام السياسي القديم الفاسد.
لكن بدلا من ذلك، رسخت نتائج انتخابات 12 يونيو هذا النظام القديم.
وحتى من بين من يسمون أنفسهم بالمستقلين، الذين حصلوا على 78 مقعدا في البرلمان الجديد، هناك العديد من الأعضاء السابقين في الأحزاب الموالية للحكومة، وبالتالي فإنهم لا يعتبرون ابتعادا كبيرا عن الماضي.