مراسلون 24 – و م ع
سلط وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عزيز أخنوش، يوم أمس الأربعاء بأوسلو، الضوء على النهج المغربي في التدبير المستدام لقطاع الصيد البحري وجهود المملكة في مجال مكافحة تغير المناخ.
وقال أخنوش، متحدثا خلال حلقة نقاش حول موضوع “مواجهة التحديات.. اتخاذ مبادرات ضد التغيرات المناخية”، المنعقدة في إطار المؤتمر السادس “آور أوشن” (محيطنا) بالنرويج، “إن المغرب وضع الاستدامة في قلب إستراتيجيته القطاعية للصيد البحري، وعمل على تشجيع تحول نموذجي في الإنتاج، مسجلا انتقالا هاما من الوضع الكمي إلى الوضع النوعي”.
وأشار الوزير، في هذا السياق، إلى أن الإنتاج السمكي بالمملكة يصل إلى 1.4 مليون طن سنويا، بينما ارتفعت الصادرات لتبلغ 2.4 مليار دولار في 2018، مضيفا أن الصيد البحري يشكل مصدر رزق ما مجموعه 200 ألف شخص، 50 ألف منهم يعتمدون أساسا على الصيد التقليدي.
وأضاف أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، تم اعتماد وسائل هامة لتعزيز البحث في مجال الصيد البحري الوطني، بما في ذلك وضع سلسلة من خطط تهيئة مصايد الأسماك، ومراقبة سفن الصيد بواسطة “في إم إس” وتتبعها، مشيرا إلى أنه بفضل هذه الجهود، يتم تدبير 96 في المائة من سفن الصيد بالمغرب بشكل مستدام وفقا لمجموعة من الإجراءات، لاسيما عن طريق نظام الحصص.
وسجل أنه بفضل هذا النظام المعتمد في التدبير، شهد المغرب إعادة تكوين كمية هامة من الرصيد السمكي بطريقة غير مسبوقة، لاسيما مخزون الطحالب الكبيرة التي لها دور مهم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مبرزا أن الكتلة الإحيائية ارتفعت، في غضون 5 سنوات، بأزيد من 30 في المائة.
وأوضح أخنوش أن المغرب، ولنفس الأسباب، يعمل على تطوير زراعة الطحالب الكبيرة على طول الخط الساحلي لإنتاج مستهدف يبلغ 40 ألف طن، مضيفا أن مشروعا آخر لإنتاج الطحالب الدقيقة، الذي لا يقل طموحا، تم تفعيله سابقا في جنوب المغرب، والذي يهدف في نهاية المطاف إلى إنتاج سنوي قدره 150 ألف طن من الطحالب الدقيقة موجهة لصناعة أغذية الأسماك.
وبالإضافة إلى دوره الواضح في امتصاص ثاني أكسيد الكربون والتخفيف من تغير المناخ، يضيف الوزير، فإنه سوف يقدم مساهمة مهمة للغاية في تغذية السمك لإنتاج الأعلاف السمكية، وبالتالي سيلعب دورا حاسما من أجل بلوغ الاستدامة.
وأشار إلى أن المغرب، بصفة عامة، استثمر بكثافة خلال السنوات الأخيرة في تطوير الزراعة المائية، من خلال وضع خطط تهيئة في هذا المجال قصد توفير إطار وعرض لمشاريع الاستثمار، مبرزا مؤهلات الزراعة المائية البالغة 350 ألف طن، “والتي يتعين تطويرها”.
وقال “من الآن فصاعدا، يمكن اعتبار الزراعة المائية مصدرا تنويع اقتصادي كبير وحقيقي، خاصة بالنسبة للمناطق الساحلية. ولتسريع هذه العملية، تم تنفيذ العديد من المشاريع الرامية إلى مساعدة التعاونيات الصغيرة، لاسيما في استزراع الأعشاب البحرية والمحار”.
وفما يخص الجهود المبذولة من أجل التكيف مع تغير المناخ وتدهور المخزونات السمكية، أشار الوزير إلى أن المغرب يدعم الصيادين الصغار التقليدين والساحليين، خاصة من هم في وضعية هشة، مشيرا إلى أنه قد تم الإلتزام باستثمار مهم للغاية من أجل تحسين أدائهم وأنظمة إنتاجهم عبر نقاط التفريغ المهيأة وقرى الصيد الممتدة على طول الساحل كل 50 كلم.
وأوضح أن هذه البنى التحتية تعمل على تحسين ظروف عمل الصيادين وتسمح لهم بتثمين صيدهم عن طريق بيعها في أسواق حديثة، مشيرا إلى أن المواقع الـ 43 التي تم إنشاؤها تركز على أزيد من 60 في المائة من مبيعات الصيد التقليدي.
كما استهدف عمل المغرب، وفقا للوزير، تحسين دخل الصيادين الصغار من خلال تجهيز القوارب بمعدات، منها الصناديق المكيفة مع الحرارة، مما يسمح بالحفاظ على المصايد وتحسين تثمينها، والغاية هي تعزيز الجودة قبل الكم والمساهمة في استدامة الثروة السمكية.
وأعلن أخنوش، خلال هذا المؤتمر، عن اقتناء سفينة جديدة خاصة بالأبحاث الٲوقيانوغرافية بـ 61 مليون دولار، موضحا أن هذه السفينة التي يبلغ طولها 48 مترا مخصصة للبحث متعدد التخصصات حول النظم الإيكولوجية البحرية وقضايا تغير المناخ، سيتم تسلمها في العام 2021 ويمكنها شحن أكثر من 15 عالما، بقدرة طاقية ذاتية تدوم لمدة 30 يوما.
وفيما يتعلق بالتحديات التي يفرضها تغير المناخ، أبرز الوزير أن هذه القضية تعد “ذات أهمية محورية بالنسبة للمملكة، التي تعد منتجا في مجال الصيد البحري، مما يجعل بلادنا أكثر اهتماما بهذه المشكلة التي يكمن تحديها الرئيسي في ضمان استدامة هذا القطاع”.
وقال إنه “يتعين علينا أن نكون واعين بأن محيطا محميا هو محيط سيستمر في الاضطلاع بدوره كضابط للمناخ، وهو امتصاص فائض الحرارة وثاني أوكسيد الكربون الذي ينبعث نتيجة للأنشطة البشرية”، مضيفا أن الأمر يتعلق، بعبارة أخرى، بالحفاظ على المحيط مأهولا بأحيائه النباتية والحيوانية، وبكل مخزوناته البحرية في صحة جيدة”، وذلك ليتمكن من تخفيف وقع التغير المناخي.
وأبرز أن عمل المغرب لا يقتصر على الصعيد الوطني، وإنما يمتد إلى الصعيد الإقليمي، مشيرا في هذا الصدد إلى إطلاق مبادرة الحزام الأزرق خلال مؤتمر (كوب 22)، التي تروم إرساء آليات للتعاون وتعبئة الدعم التقني والمالي من أجل الاستجابة بشكل متزامن لتحديات التغيير المناخي والحفاظ على المحيطات وتطوير مستدام للصيد البحري وتربية الأحياء المائية، وكلها عناصر أساسية للأمن الغذائي في إفريقيا والعالم.
وأضاف الوزير أنه تم إطلاق العديد من المشاريع، وهي الآن في طور التجريب على المستوى المحلي قبل استنساخها على المستوى الإقليمي في إطار مبادرة الحزام الأزرق، مشيرا على سبيل المثال إلى مشروع المحميات البحرية الذي يوجد في طور التجريب حاليا، والذي يساهم فيه الصيادون التقليديون والصناعيون من خلال جمع معلومات ومراقبة المحيطات، قصد تزويد مرصد وطني للصيد البحري.
ويعرف المؤتمر الدولي السادس “محيطنا”، الذي تنظمه السلطات النرويجية، مشاركة 500 مندوب من مائة بلد، منها المغرب، والذين سيتقاسمون، على مدى يومين، تجاربهم بخصوص إيجاد الحلول والعمل من أجل محيطات نظيفة وسليمة ومنتجة.
ويشارك المغرب في هذا التجمع الكبير بوفد يرأسه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد عزيز أخنوش، ويتألف على الخصوص من السيدات لمياء راضي، سفيرة المغرب في النرويج، وزكية دريوش، الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري، وماجدة معروف، مديرة الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية، والسيد عبد المالك فرج، مدير المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري.
مشاركة