المرصد المغربي للحماية الاجتماعية يستعرض تقريره حول “سياسات الحماية الاجتماعية بالمغرب 2024 ـ 2025”.

مراسلون 24 – ع. عسول

تحت شعار “في الحاجة الى الانتقال من سياسية الاستهداف العددي، إلى الاستهداف الحقوقي”،
عقد المرصد المغربي للحماية الاجتماعية ندوة صحفية السبت الماضي بالرباط، لاستعراض تفاصيل تقريره حول” سياسات الحماية الاجتماعية بالمغرب 2024 ـ 2025″.

وسجل المرصد في تصريحه الصحفي ، أن ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب يمثل أكبر تحول اجتماعي تشهده البلاد منذ ثلاثة عقود، إذ وضع القانون الإطار رقم 09.21 رؤية استراتيجية تهدف إلى إعادة تأسيس منظومة الحماية الاجتماعية على مبادئ الحق، الإنصاف، الشمول والاستهداف الفعال. ويتضمن هذا الورش أربعة أهداف مركزية: توسيع التغطية الصحية الإجبارية، تعميم التعويضات العائلية، توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل.

ويشكل التقرير المذكور الذي أنجزه المرصد المغربي للحماية الاجتماعية محاولة لتقديم تقييم تركيبي شامل لمستوى تقدم هذه الأهداف، من خلال تحليل المنجز التشريعي والمؤسساتي، وقياس الفعلية الميدانية للبرامج، ورصد التحديات المالية والتنظيمية، وتفكيك اختلالات الحكامة، مع إبراز الإنجازات المحققة والقيود البنيوية التي تعيق تحقيق التعميم الفعلي للمنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية.

وقد اعتمد التقرير مقاربة منهجية تحليلية متعددة قائمة على أربعة مستويات تحليلية، على المستوى القانوني والمؤسساتي عبر دراسة القوانين المنظمة للأهداف الأربعة، المستوى الميداني من خلال تتبع المؤشرات الرسمية المتعلقة بعدد المستفيدين، نسب التغطية، والمستوى المالي الذي يركز على تحليل استدامة التمويل. مستوى الحكامة الذي يقيم قدرة المؤسسات على التنسيق، ومدى اتساق الأدوار بين الوزارة الوصية، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتعاضديات والوكالات الجديدة..

كما ان تقييم وتحليل المرصد المغربي للحماية الاجتماعية انطلق من تشخيص موضوعي ومباشر عبر تنظيم لقاء وطني ومجموعة من اللقاءات الجهوية والندوات خلال سنة 2025.

وبعد استعراض قراءاته في مجالات توسيع التغطية الصحية الإجبارية،تعميم التعويضات العائلية والدعم الاجتماعي المباشر،توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد،لتعميم التعويض عن فقدان الشغل، خلص التقرير الى مجموعة من التوصيات لتجويد العرض الحكومي في هذه المحاور الاجتماعية

جاءت كالتالي..

**توصيات من أجل توسيع التغطية الصحية الإجبارية بما يضمن الحق في الصحة:**

إعادة هيكلة حكامة التغطية الصحية عبر توحيد القيادة ووضع آلية مساءلة دائمة؛
إصلاح جذري لنظام AMO-TNS لضمان الاستدامة والعدالة عبر إعادة النظر في طريقة احتساب المساهمات وربطها بالدخل الحقيقي؛
تقوية الاستدامة المالية عبر مراجعة التعريفة المرجعية وضبط التضخم الطبي، ومراجعة التعريفة المرجعية الوطنية، وتنظيم العلاقة التعاقدية مع المصحات الخاصة، وتعزيز الرقابة الطبية، وربط الأداء بمؤشرات الجودة بدل حجم الخدمات؛
إعادة الاعتبار للمستشفى العمومي عبر توجيه استثمارات إضافية، والعمل على الحد من النزيف المالي نحو القطاع الخاص؛
ضمان الإنصاف المجالي والاجتماعي عبر توزيع عادل للموارد الصحية، كإنشاء وحدات طبية متنقلة، وتفعيل المجموعات الصحية الترابية بشكل فعال، مع اعتماد نظام معلومات موحد لتتبع الخدمات؛
توسيع سلة العلاجات وتعزيز الولوج للأدوية الجنيسة، وتحسين مراقبة السوق الدوائية لمحاربة تضارب المصالح والحد من الكلفة على الأسر؛
إدماج الفئات المستثناة ضمن نظام التغطية الصحية وفق مقاربة عادلة، من خلال وضع خارطة طريق لإدماج المؤمنين لدى شركات التأمين الخاصة تدريجيا، واعتماد نظام خاص للفئات غير النشيطة التي لا تستوفي شروط AMO تضامن، وضمان استمرار التغطية الصحية لفئة الطلبة بما يتناسب مع وضعهم الاجتماعي والتعليمي.
ضمان التغطية الصحية الشاملة عبر تعميم الولوج إلى نظام AMO تضامن لجميع الأشخاص في وضعية إعاقة الغير المشمولين بغض النظر عن الدخل الأسري، بسلة خدمات وعلاجات كاملة وشاملة لمختلف أنواع الإعاقة.

**توصيات من أجل دعم اجتماعي مباشر منصف وفعال:**

تعزيز شفافية منظومة الاستهداف وملاءمتها للواقع السوسيو-اقتصادي لضمان وصول الدعم للفئات الأكثر هشاشة عبر اعتماد معايير الإحصاء العام للساكنة والسكنى لسنة 2024؛
إدماج مؤشرات الإعاقة بقانون 72.18 المحدد لنظام الاستهداف بالسجل الوطني للسكانRNP، والسجل الاجتماعي الموحد RSU، وعدم إقصاء الأسر التي تعيل أشخاصا في وضعية إعاقة؛
تقوية الحكامة المؤسسية وتوحيد التواصل بين المتدخلين، واعتماد استراتيجية تواصلية موحدة ومستمرة توضح معايير الدعم، مسارات الطعن، وآجال المعالجة؛
تأمين مصادر تمويل قارة ومنتظمة لضمان استدامة الدعم الاجتماعي المباشر، بتطوير موارد جبائية تضامنية جديدة، وترشيد المقاصة دون الإضرار بالأسر الضعيفة؛
رفع قيمة الدعم بما يلائم تكاليف المعيشة ومواجهة التضخم، خصوصا للأسر متعددة الأطفال والقاطنة في الوسط القروي، وربط الدعم بمتغيرات الأسعار وتطور القدرة الشرائية، لضمان عدم تآكل قيمته عبر الزمن؛
تعزيز الاندماج الاقتصادي للأسر وربط الدعم بالتمكين، من خلال دمج برنامج الدعم الاجتماعي المباشر مع سياسات الإدماج الاقتصادي، دعم المقاولات الصغرى، تحفيز التشغيل المحلي، وتمكين المرأة القروية وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في سوق الشغل؛
رفع الثقة المجتمعية عبر الشفافية والمحاسبة، ونشر تقارير منتظمة حول عدد المستفيدين، مبالغ الدعم، حالات الطعن، ومؤشرات الأثر؛
توفير المواكبة الرقمية والميدانية للأسر في القرى والمناطق النائية، بما يسهل عملية التسجيل وتحيين المعطيات.

**توصيات من أجل حوار اجتماعي حول توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد:**

إطلاق حوار اجتماعي وطني فعلي لضمان قبول واسع للإصلاح أنظمة التقاعد، لضمان صياغة إصلاح متوافق عليه يحفظ المكاسب ويضمن العدالة ويخفف المخاوف المتعلقة برفع السن أو تقليص الحقوق؛
إصلاح لأنظمة التقاعد بفلسفة الانتقال من الشتات إلى منظومة تقاعد ثنائية القطب، قطب عمومي يدمج الصندوق المغربي للتقاعد CMR والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR، وقطب خاص يدمج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS، والصندوق المهني المغربي للتقاعد CIMR، ونظام المستقلين؛
مباشرة إصلاح جديد لنظام المستقلين يعكس الدخل الحقيقي، عبر إعادة النظر في نظام الدخل الجزافي، وتخفيف العبء عن المهن الهشة، وتحفيز الانتظام في الأداء، بالإضافة الى مواكبة الفئات المهنية لتشجيع الانخراط وذلك لضمان قاعدة مالية مستدامة للنظام.
معالجة العجز الهيكلي عبر إصلاحات مالية واكتوارية مدروسة، تنطلق من اعتماد إجراءات متدرجة ومتفق عليها في إطار حوار اجتماعي حقيقي؛
تقليص الفوارق بين المتقاعدين في القطاع العام والقطاع الخاص وتعزيز العدالة الاجتماعية، عبر توحيد قواعد احتساب المعاشات، ورفع الحد الأدنى للمعاش في القطاع الخاص؛
إدراج آلية تحسين تلقائي للمعاشات ترتبط بالتضخم، مع إصلاح طريقة تمويل أنظمة التقاعد لضمان عدالة بين القطاع العام والخاص؛
تعزيز الحكامة والشفافية في تدبير أنظمة وصناديق التقاعد، عبر تطوير نظام معلومات موحد بين الصناديق، ونشر تقارير اكتوارية سنوية مفصلة، وإخضاع القرارات الاستثمار المتخذة من قبل صناديق التقاعد للمراقبة، بالموازاة مع رفع كفاءة المجالس الإدارية ومساءلتها، كل ذلك لضمان ثقة المنخرطين والمنخرطات ومشروعية الدولة على قيادة إصلاح فعال في نظام التقاعد.
إدماج البعد المجتمعي في النقاش العمومي حول التقاعد، عبر تعزيز التواصل المؤسساتي لإشراك المواطنين في فهم التحديات وبناء التصورات المستقبلية، حتى يصبح النقاش وطنيا واسعا وليس تقنيا مغلقا.

**توصيات من أجل اصلاح شامل لنظام التعويض عن فقدان الشغل:**

إعداد مشروع قانون جديد للتعويض عن فقدان الشغل، يعيد هندسة النظام، ويخفف شروط الاستفادة، ويوسع الفئات المستفيدة وفق أهداف القانون الإطار 09.21، مع اعتماد مقاربة تشاركية لضمان عدالة وفعالية الإصلاح.
تخفيف شروط الأهلية للتعويض عن فقدان الشغل لضمان وصول أكبر عدد من الأجراء، عبر تخفيض عدد أيام التصريح المطلوبة، وفتح الامكانية لعقود الشغل المؤقتة والمتقطعة ضمن نظام الاستحقاق؛
تعميم نظام التعويض عن فقدان الشغل ليشمل العاملين لحسابهم الخاص، والعاملين في القطاع غير المهيكل بعد إدماجهم في نظام AMO-TNS، بالإضافة الى فئات المهن الحرة وفق مساهمات ملائمة لطبيعة المهن، مما يكرس ضمان العدالة الاجتماعية وتوحيد سلة الحماية.
تحسين مدة التعويض وقيمته بما يتلاءم مع واقع سوق العمل، عبر تمديد مدة التعويض لأكثر من 6 أشهر عند الضرورة، وربط التعويض ببرامج التأهيل وإعادة الإدماج؛
مراجعة سقف الأجر المرجعي لحماية الفئات المتوسطة، مما سيسمح بتحويل التعويض من دعم ظرفي إلى حماية اجتماعية حقيقية.
إحداث صندوق تمويل مستقل لتعويض البطالة، عبر رفع نسبة الاقتطاع بشكل تدريجي ومدروس، وتعبئة موارد مالية تضامنية إضافية، مع اعتماد مساهمة الدولة بشكل قار.
اعتماد مقاربة مندمجة بين التعويض وسياسات التشغيل، من خلال ربط التعويض عن فقدان الشغل ببرامج التأهيل المهني، ودعم الإدماج، وأنظمة الوساطة والتوجيه، وسياسات تحفيز المقاولة والتشغيل الذاتي، حتى يكون التعويض جسرا نحو عودة المستفيد لسوق الشغل وليس مجرد إعانة مؤقتة؛
إحداث قاعدة بيانات موحدة ما بين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ANAPEC، والوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، والقطاعات الحكومية، مما سيسمح برصد تلقائي لفقدان الشغل، ويؤدي إلى تحسين الاستهداف، وتتبع الإدماج بعد التعويض.

وهي توصيات اعتبرها المرصد المغربي للحماية الاجتماعية قادرة على أن لا تختصر الحماية الاجتماعية في مجرد شعارات أو منظومة تحويلات مالية وإجراءات رقمية أو مؤسسات فوقية، بل أن تكرس الحماية الاجتماعية كمشروع للإعادة هندسة العلاقة بين المواطن والدولة، وتعزيز الثقة، وبناء مجتمع أكثر تماسكا وإنصافا.