سلا-ع. عسول
عقد يوم الأحد 10 ربيع الثاني 1441ه الموافق ل 07 دجنبر 2019 بالقاعة الكبرى للجماعة الحضرية بسلا اللقاء الثامن ل “مولد النور” الذي ينظمه سنويا المجلس العلمي المحلي لسلا، تتويجا لإحتفالات أهل سلا بمولد النبوي الشريف. وقد اتخذ لقاء هذه السنة كشعار له “الأسوة المحمدية، كمالات الأنموذج ومسالك الإهتداء”.
وعرف هذا اللقاء مشاركة فعالة من لدن علماء مجالس جهة الرباط سلا القنيطرة السبعة. خيث افتتح اللقاء بآيات من الذكر الحكيم، وألقى رئيس المجلس العلمي المحلي لسلا، د. محمد بوطربوش كلمة ترحيبية بالمشاركين أبرز فيها دواعي اختيار موضوع اللقاء وخلفياته، وموقع هذا اللقاء ضمن شبكة أنشطة المجلس الكثيفة بمناسبة المولد النبوي الكريم.
بعد ذلك انطلقت الجلسة الأولى حول محور “الأسوة المحمدية في القرآن الكريم والسنة النبوية”، برئاسة رئيس المجلس العلمي المحلي للخميسات ذ .لحسن أكشاش، وقد تدخل فيها بداية ذ. لحسن السكنفل، رئيس المجلس المحلي لتمارة، فوقف عند نماذج من حضور معالم الأسوة المحمدية في القرآن الكريم، مثل علاقة الرسول بربه وبالناس عموما، وبأراذلهم في المجتمع بشكل خاص، مبرزا أخلاق المصطفى عليه السلام في الرحمة والشفقة والرفق….كما يبسطها القرآن الكريم.
من جانبه تطرق ذ. محمد الخيراوي، خطيب وواعظ تابع للمجلس العلمي المحلي بسلا، ل “معالم الأسوة المحمدية في السنة النبوية”، وقد اختار تناول الأصول الكلية العامة لفهم السنة النبوية كإطار منهجي كلي ناظم يحكم السنن الفرعية، وقد أصل لما ذهب إليه أصوليا، وقدم نماذج من صميم بعض القضايا المعاصرة مثل تشويش البعض على شرعية الإحتفال المولد النبوي أو قراءة الحزب الراتب أو حصرهم للصلاة على النبي الكريم في الصيغة الابراهيمية…، منتهيا إلى أن “الحكمة” التي يرد الحض عليها في كتاب الله تفيد حسن فهم الدين، وهي مفتاح استكشاف معالم الأسوة المحمدية في السنة النبوية من غير وقوع في فهم شكلاني للسنة العطرة أو حرج الانحصار والانحجاب بالفروع عن الأصول الكلية الناظمة للسنة المحمدية.
أما د. يونس الصباري، عضو المجلس العلمي المحلي بالقنيطرة، فتناول “مسالك الإهتداء المنهجي بالسيرة النبوية”، حيث بسط إطارا نظريا للتعامل مع السيرة النبوية باعتبارها الحاضن العملي للقواعد الأصولية المختلفة، ولمنهاج السنة النبوية، معتمدا في تقديم نماذج مضيئة لكيفية التعامل مع الأسوة المحمدية في السيرة النبوية على كتاب “الشفا” للقاضي عياض، كما هو شأن تمثيله من لقاعدة “مراعاة الأحوال”، حيث تعددت بموجبها إجابات المصطفى صلى الله عليه وسلم حسب أحوال السائلين مع كونهم طرحوا السؤال عينه.
الجلسة العلمية الثانية برئاسة د. محمد البقالي، رئيس المجلس العلمي المحلي لسيدي سليمان، تمحورت حول “سبل الإهتداء بالأسوة المحمدية في حل بعض إشكالات المسلم المعاصر”. وخلال هذه الجلسة تدخل أولا، د. محمد التهامي الحراق، أستاذ باحث في الإسلاميات والتصوف، حول موضوع “الاهتداء بالأسوة المحمدية في ترسيخ قيمة المحبة بدل ثقافة الكراهية”، وقد حدد في البدء مقصوده من “الكمال المحمدي” باعتباره تجسيدا لكمال الدين الخاتم ولتتميم مكارم الأخلاق، معرفا مفهوم المحبة، ومستدلا بعدة قرائن قرآنية ونبوية وصوفية وفلسفية على أن الإسلام دين محبة، واقفا عند بعض أوجه هذه المحبة مثل محبة الله للخلق، ومحبة المؤمن لربه ولنبيه والتحاب في الله ثم محبة المؤمن لسائر الخلق، وخالصا إلى أهمية إبراز الصورة الرحموتية الكونية للأسوة المحمدية في تصحيح صورة هذه الأسوة في السياق الإسلامي والعالمي على السواء، وكذا في تلبية عدد من الاحتياجات الوجودية والروحية والأخلاقية الكونية للإنسان المعاصر، كما يظهر ذلك من خلال مثال قيمة المحبة.
المداخلة الثانية ألقاها د. محسن ايكوجيم، رئيس المجلس لعلمي المحلي للقنيطرة، وتناول “سبل الاهتداء بالأسوة المحمدية في ترسيخ قيمة العيش المشترك”، وتناول ذلك من مدخل عقدي ومدخل تشريعي وثالث اجتماعي، موضحا مفهوم العيش المشترك انطلاقا من مفهوم “التعارف” القرآني، ومقدما نماذج من سيرة الأسوة المحمدية للقبول بالآخر والتقعيد لأسس التعامل المعترف باختلافه، ومركزا في ذلك على الوثيقة النبوية الاستثنائية والخالدة في هذ التقعيد النبوي، أي “صحيفة المدينة”، منتهيا إلى ضرورة الانطلاق من الأسوة النبوية لتصحيح كثير من الانحرافات اليوم في فهم أصول التعامل مع المختلف والمنتحلة اسم المرجعية الإسلامية.
المداخلة الأخيرة قدمها د. عبد اللطيف الميموني، رئيس المجلس العلمي بسيدي قاسم، والذي تناول بحيوية في الطرح أنعشت القاعة، موضوع “الاهتداء بالأسوة المحمدية في معالجة قضايا الأسرة”. هكذا وبعد أن أبرز أهمية الموضوع ومحورية الأسرة في بناء المجتمع، وقف عند نماذج من القضايا العويصة في حياتنا الاجتماعية اليوم، وخصوصا في العلاقة بين الزوجين، واقفا عند مسألة معالجة نشوز الزوجات وإشكال فهم مراحل هذه المعالجة وتعيينا قوله تعالى “واضربوهن”، مقدما فهما نبويا تنويريا لهذه الآيات مستمدا من السيرة النبوية العطرة ومن اجتهادات بعض العلماء في الفهم. وقد تناول بنفس اليقظة وحسن الفهم مسألتي التعدد وإرث المرأة.
وبعد ذلك فتح نقاش غني بين الحضور حول مداخلات الأساتذة في الجلستين، ليختم اللقاء د. عبد السلام الطاهري، عضو المجلس العلمي المحلي بسلا، بالدعاء للملك محمد السادس بالصحة والسداد ، وسائر الأسرة الملكية والشعب المغربي الوفي..