مراسلون 24 – ع.عسول
أجمع باحثون وأكاديميون أن المشهد السياسي يعاني من تمثلات سلبية وسمت علاقة المواطن بالفاعل السياسي والحزبي جراء سلسلة من المحطات و التجارب والوقائع التي خلقت هوة وأزمة ثقة بين الطرفين وأدت للنفور من صورة العمل السياسي والعزوف عنه.
أحمد عصيد *كاتب وفاعل حقوقي* ضمن مشاركة له في ندوة علمية حول موضوع” السياسة اليوم : أزمة فعل أم أزمة صورة ؟” نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني أمس الاربعاء 4 يونيو الجاري بسلا ،تحدث في محور ” التمثل الاجتماعي للسياسة: نحو فهم تحولات نظرة المجتمع إلى السياسة كمعنى، والسياسي كفاعل” ..مسجلا أن “اشكالية الممارسة السياسية تعكس طبيعة العلاقة بين الدولة المجتمع ما يحتم ضرورة وجود تعاقد اجتماعي واضح .” .
وأكد المتحدث أن هناك ثمانية تمثلات سلبية تؤطر مخيال وتصور المواطن للفاعل السياسي ولصورته ، تشكلت في سياق الخوف من السياسة ما أشاع أزمة الثقة بين الطرفين، أول هذه التمثلات “أن السياسة كذب وانتهازية لاتخدم الصالح العام و تتميز بعدم الوفاء بالوعود ثاني التمثلات ربط بين السياسة والفساد..ما أدى لتعميم الإشاعة حول فساد
أغلب المنتخبين ، التمثل الثالث يعتبر أن سياسة إلهاء غير حقيقي ..والرابع أن السياسة إخضاع وإكراه وسيطرة مقابل
غياب التدبير العقلاني ، أما التمثل الخامس فيغيد بأن السياسية الفعلية قرارات فوقية ، والسادس أن السياسية نزاع وصراع وعنف حول المناصب والتموقعات خصوصا في فترة الانتخابات بالوسط القروي ، أما السابع فيعتير أن السياسة شأن يخص بعض النخب والتمثل الثامن الأخير يسجل عصيد يتعلق بأن ااسياسة تساعد في الترقي الإجتماعي والتوظيف عبر الإنخراط بالأحزاب .” وخلص عصيد ” أننا نتحدث عن أزمة فعل سياسي بدون أفق صنعت صورة متأزمة حول السياسة”.
المحور الثاني، “الأحزاب المغربية: قراءة في بعض مآلات البنية والوظائف: تفكيك لراهن الأحزاب، وحدود تأطيرها وتجديد نخبها، وصعوبات اندماجها في دينامية المجتمع” قدم خلاله محمد الساسي استاذ جامعي ، قراءة تأريخية لتطور الأحزاب السياسية بالمغرب منذ إنشاءها في الأربعينات حيث كان العمل الحزبي يتأسس على تجذير الروح الوطنية عبر آليات الخلايا والنشرة ثم فترة الستينات والسبعينات كفترة تأرجح للصراعات والتجاذبات بين الحركة الوطنية والنظام الملكي ، تزامنت مع ظهور أحزاب مبنية على الوجهاء والأعيان والقرب من الادارة ، قبل أن يقع التحول في سياق المحاولات الانقلابية العسكرية والدخول في المسلسل الديمقراطي وتبني الدولة لآلية الإشراك والإحتواء حتى فترة التسعينات إلى الآن ، والتي شهدت بروز التيار الليبرالي والأحزاب ذات المرجعية الدينية ،قبل أن تتركز وظيفة العمل السياسي في التنافس الانتخابي والظفر بالمشاركة الحكومية والتدبيرية،وأصبحت غالبية الأحزاب تمارس عملها السياسي تحت السيادة الملكية وفي سياق تصوراتها وخططها الاستراتيجية .
وبالموازاة مع هذه التطورات يقول الساسي ومع تكلس فعل الأحزاب وسيادة الترحال الحزبي وتشابه البرامج السياسية ،خفت بريق العمل السياسي لذا الشباب وأدى لنفورهم وعزوفهم ما دفع بهم لمحاولات الهروب عبر الحريك من أجل الهجرة أو للأصولية أو للتنسيقيات الفئوية ..
كمال الهشومي استاذ باحث في العلوم السياسية بكلية الحقوق اكدال الرباط، تطرق للمحور السادس ، “من السياسة كفعل إلى السياسة كعرض: أزمة تمثل أم إخفاق وظيفي؟: مقاربة نقدية لتحول السياسة إلى مشهدية، وسؤال المعنى في زمن التواصل والفرجة”، من خلال أربع نقط أولها تحول السياسة من التزام بمشروع سياسي إلى واجهة ، النقطة الثانية تحدث فيها عن أزمة الثقة لذا المواطن في الفاعل السياسي اكثر منه في السياسة إثر اعتماد العرض السياسي بشكل أكبر على الصورة كمؤثر ومحسن وللتلميع ، ثم الثالثة مرتبطة باخفاق وظيفي في أداء السياسي وضعفه وغياب البدائل ما ضخم من مكانة التقنوقراطي واللجوء للتدبير عوض التخطيط ،فيما رابع نقطة أثارها هشومي، أكدت على قفز الإعلام عن واقع المشهد السياسي والهوة بين المضمون السياسي والصورة التي تنقله..حتى وصلنا حسب المتحدث لما اعتبره ‘ لاسياسية السياسة”..
كما تناول الباحث الجامعي والخبير الاستشاري محمد خمسي المحور الثالث ” الإعلام وصناعة الصورة السياسية: كيف تساهم الوسائط التقليدية والرقمية في تشكيل صورة السياسي وتأطير النقاش العمومي؟”.مؤكدا على سوء استعمال الصورة و التواصل الرقمي من لدن الفاعل السياسي الذي دعاه لاستثمار التكنولوجيا الرقمية في تطوير المضمون السياسي وحمايته من الابتذال والتفاهة والشكليات والتحريض والتركيز على تطوير العرض السياسي وتحقيق آمال المواطن في العيش الكريم بعيدا عن المصلحة الضيقة..
أما الاستاذ الجامعي عبد الرحيم منار أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فتطرق للمحور الرابع، “السياسة بين أزمة الفعل وأزمة الصورة: تفكير في العلاقة المعقدة بين الفعالية والمشروعية التمثيلية من جهة، والانطباع العام المهيمن من جهة أخرى”..معبرا عن تعقد المشهد الحزبي وتعدد السياسات و تناسل الأسئلة حول القيم والمشروعيات و آليات صناعة السياسي بعدما انتقلنا من السياسي المتدرج في هياكل الحزب للتقنوقراط الماركة والمقاول ، متسائلا هل تغيرت قواعد اللعبة السياسية وموزاين القوى ؟ داعيا إلى ضرورة تحصين العمل السياسي بالبحث الأكاديمي..
وبدورها تناولت الأستاذة كريمة غراض باحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري عضو مركز الدراسات والابحاث في العلوم الاجتماعية، تناولت في مداخلة رصينة المحور الخامس المتعلق ب” الأداء التشريعي والرقابي من خلال الواجهة البرلمانية: تقييم لدور البرلمان كمرآة لصورة الفاعل السياسي ومصداقيته لدى الرأي العام” متوقفة على هيمنة الحكومة على الفعل التشريعي وتلاشي دور المعارضة .