أزمة سياسية جديدة بين فرنسا والجزائر بعد رفض السفير الجزائري العودة إلى بلاده

مراسلون 24

في خطوة غير مسبوقة، رفض السفير الجزائري لدى فرنسا، سعيد موسي، العودة إلى الجزائر، بعدما تلقى قرارًا رسميًا من النظام الحاكم يقضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع باريس. هذا الرفض شكّل صدمة للنظام الجزائري وكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها كبار المسؤولين في الدولة، في وقت تتزايد فيه عزلة الجزائر دوليًا وتتفاقم الأوضاع الداخلية بشكل ينذر بانفجار وشيك.

وفق ما كشفه الناشط الجزائري المعروف “أمير دي زاد”، الذي يعتبر من المقربين من دوائر الاستخبارات الجزائرية السابقة، فإن السفير موسي قرر البقاء في فرنسا حيث يملك عقارات فاخرة وتعيش أسرته التي تتابع دراستها هناك. وفي خطوة مفاجئة، تقدم السفير رسميًا بطلب لجوء سياسي لدى السلطات الفرنسية، ما يعكس حالة من التخبط داخل أوساط كبار المسؤولين في النظام الجزائري.

هذه الخطوة جاءت بعد أن أصدر النظام قرارًا يقضي بقطع العلاقات مع باريس على خلفية التوترات المتصاعدة بين البلدين، والتي تفجرت أساسًا عقب إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الرباط دعم بلاده الرسمي لمغربية الصحراء. هذا الموقف أثار غضب النظام الجزائري ودفعه إلى استدعاء السفير من باريس، قبل أن يُعاد لاحقًا إلى منصبه، إلا أن التصعيد الأخير دفع بالجزائر إلى اتخاذ قرار جديد بقطع العلاقات بشكل كامل.

يرى مراقبون أن رفض السفير العودة إلى بلاده يعكس حجم الأزمة التي يعيشها النظام العسكري في الجزائر. فالنظام الذي يقوده عبد المجيد تبون يواجه منذ مدة طويلة موجة انتقادات داخلية غير مسبوقة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة واتساع هوة الغضب الشعبي.
كما تعيش الجزائر حالة من الفوضى داخل مؤسساتها الرسمية، حيث تتصارع أجنحة السلطة بشكل علني، وسط استمرار الاعتقالات التي تطال النشطاء والصحافيين والمعارضين.

تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد العزلة الدولية للجزائر، خصوصًا بعد مواقفها المتشددة تجاه عدد من القضايا الإقليمية، ورفضها الانخراط في دينامية التعاون التي أطلقتها دول شمال إفريقيا وغرب المتوسط، وعلى رأسها المغرب وفرنسا.
ويبدو أن رفض النظام الجزائري الانسجام مع التحولات الجيوسياسية الجديدة، وخاصة في ملف الصحراء المغربية، زاد من عمق الهوة بين الجزائر وحلفائها التقليديين، مما أفقدها الكثير من الدعم الدولي الذي كانت تراهن عليه في الماضي.

باريس تتابع الوضع بحذر، حيث لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من الخارجية الفرنسية، رغم أن مصادر دبلوماسية أكدت “انزعاجًا حقيقيًا” من طريقة تعامل الجزائر مع ملفات حساسة.
ويرى مراقبون أن طلب اللجوء السياسي من طرف السفير موسي قد يتحول إلى ورقة ضغط جديدة تكشف هشاشة النظام، وتفتح الباب أمام مزيد من التسريبات حول كواليس الحكم في الجزائر.

ما يزيد من تعقيد المشهد هو أن رفض السفير العودة إلى الجزائر قد يدفع بمسؤولين آخرين إلى تبني نفس النهج، خاصة إذا كانت لديهم مصالح شخصية وعائلية في دول المهجر.
كما أن هذه الواقعة تكشف عن هشاشة الولاء لدى بعض المسؤولين، حيث يفضلون البقاء في الدول الغربية عوض العودة إلى الجزائر التي يعيش نظامها حالة من الاضطراب.

إن رفض السفير موسي العودة إلى بلاده يعتبر صفعة جديدة للنظام الجزائري، الذي لم يعد قادرًا على الحفاظ على ولاء ممثليه الدبلوماسيين في الخارج. هذه الخطوة تعكس حجم التململ داخل دوائر النظام، وتؤكد أن الجزائر تعيش أزمة هوية على المستوى الدبلوماسي والسياسي.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستتجه الجزائر إلى معاقبة السفير بطريقة تضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث؟ أم أن طلب اللجوء سيصبح بداية لتساقط أوراق النظام الجزائري على المستوى الدولي؟