من نيويورك إلى سلا ..فنان يبدع في نحث المدن على الفخار

هشام العصادي

نورالدين هو إبن مدينة سلا متزوج و اب لثلاث اطفال له موهبة جد خاصّة و مُتميزة وتتجلى على الخصوص في النحث على الفخار وفق طريقة عبقرية تَنِمُّ عن حِس فني راقي لإبراز معالم المدينة ومميزاتها التاريخية من أسوارها وحصونها وقلاعها التي يشهد التاريخ بعراقتها..

قضى نور الدين طفولته كباقي أطفال جيله حيث تفجرت موهبته منذ الصغر وشغفه نحو الفن وخصوصا فن الخزف و صنع المجسمات الصغيرة بواسطة الطين أو العجين

شغفه لهذا النوع من الفن لم يحل بينه وبين دواليب الهجرة حيث هاجر الى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2001 و التي أقام فيها لمدة عشر سنوات حيث إنشغالات الحياة ببلاد العم سام وصعوبة الإندماج وسط المجتمع الأمريكي مما اضطره للإشتغال بمجال بعيدا نوعا ما عن مستوى طموحاته وميولاته الفنية إلا أنه كان يقضي معظم وقت فراغه في الرسم كهواية عشقها منذ الطفولة

حبه لفن صنع المجسمات دفعه لمغادرة الولايات المتحدة الأمريكية عائدا إلى مدينة سلا لإبراز هذا النوع من الفن الأصيل بين أوساط المجتمع السلاوي والمغربي وكي يضع له موطئ قدم من خلال إبرازه وتقديمة للعموم في المُستقبل عبر معارض ومهرجانات خاصّة ..

تماثيله ومُجسّماتُهُ وفلسفته في فن النحت مَيَّزَتْهُ عن باقي فناني جيله إذ يوظف النحت لإبراز معالم مدينة سلا ومميزاتها التاريخية التي طبعتها على مرِّ العصور والنحث بالنسبة له لغة يحاول تطويعها وفق أفكاره وفلسفته وثقافته أو مفاهيمه الأدبية والتاريخية الخاصة، ليُترجم بها قصصا ، حكايات، أساطير، فلسفة إنسانية أو لغة الوجود ذاتها بالحياة وفكرة الزمن والميلاد والوفاة ، و التصاق الإنسان بالأرض وارتباطه بعمره وانتقاله إلى العالم الآخر، فهذه أشياء جميعها تحكي نوعا من الدراما النفسية بداخله.

الا ان واقع الحال الصعب في المغرب و التحديات و الاكراهات العديدة و المتعددة من أجل إبراز المواهب والميولات دفعت به الى البحث عن حلول وسطى تمكنه من الإشتغال على موهبته والحصول على لقمة العيش حيث إختار مركب الصناعة التقليدية الولجة بسلا عبر دمج منتجات اخرى تتطلبها شروط السوق .

يبقى طموح نور الدين اليوم ورغم حمله للجنسية الأمريكية هو الإستقرار في وطنه الأم والمساهمة في تنمية الوطن والمجتمع وتمرير فن إنشاء المجسمات إلى الأجيال القادمة عبر ورشات ومعارض خاصة لإطلاع الجيل القادم على فن أبدع فيه الأجداد بطريقتهم وطوره الأسلاف بإبداعهم وإجتهادهم وإبراز ما تزخر به مدننا من حضارة ومعالم تاريخية