إبنة الحمامة البيضاء إمهاء “مكاوي ” تصدر ديوانان شعر ” زئير الموج ..! “و” نيران لا تحرق..!” و كتاب ” حوارات، تأملات و آراء على نغمات الشعر و الزجل …

مراسلون 24 : الرباط

1- الشاعرة إمهاء مكاوي تغوص في أعماق القصيد بالشكل الذي ذهب إليه الفيلسوف و الأديب رولان بارت حين شبّه النص بالجسد الذي يراود القارئ عن نفسه
بقلم : دة. سعاد الناصر
(أستاذة الأدب العربي بكلية الآداب والعلوم
الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي /تطوان –
المملكة المغربية )
كالماء ينهمر..
من الصعب على أي كان تقديم الديوان الشعري، لأن الشعر في رأيي يقدم ذاته للمتلقي بنفسه، ولأنه جوهر الإنسان ومرجعه الوجداني، الذي يجعل من النص الواحد متنا تتوارى فيه نصوص موازية له أو ثاوية فيه، تؤكد أن النص الشعري كون تنصهر فيه الاحتمالات الدلالية، تخرج فعل القراءة من ظلال التفسير إلى آفاق التأويل. ويكفي الشعر أن من الشعراء من يفيض عن مكنونات ذاته وما يتجلى فيها من مشاعر تتزاحم فيها بؤر التوتر، واختراق المألوف من أجل نحت دلالات جديدة تفتح العين على النفاذ من سطح النص إلى عمقه، حيث اللفظة تنفلت من معناها، والصورة من إطارها النمطي، للكشف عن بناء آخر للذات والواقع.
ويعد ديوان الشاعرة إمهاء مكاوي تجربة جمالية تحيل على رؤية معينة للذات وللواقع، تنزع نحو رصد تشظياتهما لبناء عالم مغاير تسوده القيم الإنسانية، ويتعانق فيها النفَس الشعري بانسيابية مع الموضوع بلغة موجعة شفافة، تفوح بخلجات روح تتطلع نحو الحب والسلام والتفاؤل. فحين تقول إمهاء:
بين دروب الأشجان
تسمو رؤى إلهامي
على سطور الخيال الروحي
بعدما ازدادت
جرعات وجعي منذ
الأزَلْ
ندرك أن الشاعرة تنثر حولها ما وسعها من نبضات وجدانها بكل ما تحمله تجربتها الشعرية من بكارة وعفوية تتعالى في الزمان والمكان، وأنها مسكونة بالقيم الجمالية والدلالات الإنسانية، تنفث فيها كينونتها ومشاعرها التي تنفلت من شَغاف قلبها، ووجدانها، وما يؤرّقها من آمال وأحلام، وما ينغّص عليها من حزن وإحباط ومرارة وألم، وما تجيش به ذاتها من حب متعدد الأبعاد، يشمل الوجود.
والديوان ينقسم إلى مجموعة من الأقسام، تتوزع موضوعاته بين ما هو ذاتي ووطني وإنساني، الأمر الذي أتاح مجالات أوسع للتعبير والتخييل. كل قسم يتضمن نصوصا مختارة للتعبير عن ميلاد شعري يقدم تصوره الخاص سواء للشعر أم لمختلف القضايا الذاتية أو الموضوعية ويحاول استنفار القارئ وإغرائه على اقتحام تأويلات تغوص في أعماق النصوص، بشكل يشبه ما ذهب إليه رولان بارت حين شبّه النص بالجسد الذي يراود القارئ عن نفسه فيغريه ويستثير رغبته في الكشف عن صورته، في مثل قول الشاعرة:

فالحياة كماء البحر المالح كلما
ازددت منها شربا ازددت عطشا!
حتى آخر ذرة أوكسجين
نستنشقه لنطرق باب
الأجل

فتتمثل في مقطوعاتها الشعرية ومضات روحية، ترتسم فيها مبادئ التكوين الإنساني، وتنكشف من خلالها كينونة الشاعرة وهويتها:

بدأ نور الحياة ينبثق من ستائر
شبابيكي عند السحر و كأنها
خيوط من مسد و
شفق

وتتفرع من قلب الشاعرة الأشجار، تنثر ثمارها بين يدي القارئ، بعد إروائها بعذب المياه المنسابة من رحيق روحها:

شغف المعاني في القصيد هيجت
و شار العسل من الخلية بالشور

إنها نصوص تختزل نظرة الشاعرة ومشاعرها وانفعالاتها في قالب جمالي شفيف، يفرض أكثر من قراءة، لذا لا أريد توجيه نظر القارئ لفهم خاص أو تأويل معين، وإنما يكفيني مما ذكرت، أنها إشارات تزف لعشاق الشعر نهضة شاعرة يجري منها الشعر كجريان الماء العذب، ويؤشر عن إشراقة سامقة …

2) دراسة و قراءة نقد في كتابات و شعر إمهاء مكاوي

إمهاء مكاوي: شاعرة باحثة و كاتبة من برج

أندلسي ينبض بالحياة

– تلكم نظرات في كتابات الشاعرة إمهاء مكاوي المنسابة انسياب الرذاذ على زهر الحدائق
و ليس بالغريب ذات أندلس الفاتنة الجميلة الأندلسية إمهاء مكاوي تجري في دمائها دماء ابن زيدون و ولادة بنت المستكفي و ابن خفاجة و ابن شهيد …
– لقد استطاعتِ إمهاء مكاوي الكاتبة العربية المعاصرة، ساردةً وشاعرةً، بفضل ما اجتمع لديها من حِسٍّ مرهَفٍ، وخيالٍ خِصْبٍ متنوِّعٍ وذهن ثاقب قادر على استرجاع الأحداث وترتيبها وفق رؤية أنثوية متميزة؛ تقوم على المواكبة والمعايشة و نقل الواقع دون التفريط في جماليات الكتابة

بقلم : د. مصطفى بن العربي سلوي

أستاذ النقد و مناهج الدراسات الأدبية بكلية

الآداب/ جامعة محمد الأول- وجدة (المملكة

المغربية)

قبل النظر في شعر الشاعرة (إمهاء مكاوي)، ارتأيت- كعادتي دائما- الانطلاق من مقدمتين، أجد كُلَّ واحةً منهُما عتبةً صالحة للإطلالة على شعر هذه الشاعرة الرقيقة المتميزة من خلال جملة من العلامات سيتم الوقوف عندها في متن هذه القراءة. فأما المقدمة الأولى، فتتصل باستعادة المرأة حقها في الكتابة؛ وهو الحق الذي حازته منذ كانت أول كتابة في الوجود، إلا أنه ظَلَّ حقّاً تمارسه المرأة بالقوة دون الفعل؛ تبعا لما جاء به (أبو نصر الفارابي) (رحمه الله)، حين وجد نفسه مُحْرَجاً، حُيالَ إيجاد طريقة/ حيلةٍ لِحَلِّ مشكلة قدم العالم أو حُدوثِهِ..
وأما المقدمة الثانية، فتخُصُّ ضرورة التخلص من قيود نظرية الأشكال في كل كتابة إبداعية؛ سواء في الشعر أم السرد، والتفكير في إعادة النظر في مسألة التجنيس؛ تلك التي حَكَمَتْ صيرورة الأدب العربي قرونا من الزمن؛ بل وهي المشكلة التي أثرت حتى على كثير من الآداب غير العربية في أوروبا كما في الأمريكيَّتَيْنِ؛ فأساءت إلى عدد من محطّاتها، أكثر ممّا عَمِلَتْ على خِدْمَتِها..
أذكر أنني كتبت، منذ أكثر من عقديْن من الزمن، كتابي (صحوة الفراشات، قراءة في السرد النسائي المغربي المعاصر)، وهو الكتاب الذي أُعيدَ طَبْعُهُ ثلاث مرات، منذ طبعته الأولى عام 2011، وضمنه أفردت فصلا كاملا للوقوف عند حق المرأة في الكتابة والتعبير عن خلجات نفسها؛ لا لشيء سوى لأنها الكائن الأكثر انتشارا في الكون، وكذا الكائن الذي كان من وراء كل كتابة يزهو الرجل بأنه المُوَقِّعُ لكلماتها وفقراتها..
وفي زمن التحولات، انبعثت الأنثى ( إمهاء مكاوي) بقلب مكلوم يلملم جراحه، ليصنع من دمائها مدادا يختزنه داخل محبرة سحرية عجيبة، يحرص على الاحتفاظ بها، ويبحث عن وريقات من أي طينة كانت؛ ليكتب عليها التاريخ…

الكاتبة و الشاعرة إمهاء مكاوي شأنها شأن كثير من النساء العربيات، في دول الخليج كما في أقطار شمال إفريقية. تستجيب ، انطلاقا من هذا المُعَيِّنِ الأول، إلى حاجة ماسة في التعبير عن خلجات الذات؛ إثر ما كان يتردد على أسماعها، أو يَبْلُغُها من أحاديث التنقيص من شأن المرأة داخل مجتمع لم يَعرف بعد بأن المرأة هي في البدء والآخر جوهر كل كتابة؛ تقول:

ثارَ الوجدُ الحائرُ في خَاطرِي
بعدما رموه بالسّهامِ دون قِتال
وإن تعمدوا التّجْرِيحَ بـالقَـصْدِ
وبِعِلْمِهم ما ينـغزك من النِّـبال
أنا القـصـيـدُ بالـفـكـرِ والحـبـر
وطَيْف الـمَـرَايَا يعكس الخَـيَال
وإن عِـشْــتُ أتنفّسُ الـحرفَ
كأسِي المداد وقوتي السِّـجال

إنها الكتابة على مستوى ردِّ الفعل من امرأة آنَسَتْ من نفسها (رُشْدَ الكتابة)؛ وهو الرُّشْدُ الذي استلهمه الرجل ليكتُبَ أجمل نصوصه، في الوقت الذي فُرِضَ على المرأة (الصمت)؛ وهي التيمة الكبرى التي قامت كتابة المرأة لكسر كل ما يحيط بها؛ معلنةً نهضة (الفينيق) الأسطوري الجاثم تحت رماد صبرها.. ذلك بأن من أبرز الطابوهات التي دفعت إلى وضع عقبات أمام الكتابة بصيغة المؤنث، الرغبة في البوح، وتعرية الواقع، وفضح الممارسات الاجتماعية والجنسية التي انبثقت عن كثير من العلاقات بين الرجل والمرأة. لهذا بقيت المرأة تعيش صمتها سواء كتبت أم لم تكتب. ولعل هذا ما وقف عنده كثير من الدارسين الذين جعلوا من قضية الصمت واحدة من أبرز القضايا التي عالجتها كتابة الشاعرة إمهاء مكاوي ولم يقف عندها الرجل..

وتأتي موضوعة الصمت على رأس القضايا التي عملت الأنثى على الانطلاق منها في كل ما طرحته من أسئلة وما ركبته من جسور التحول والانتقال نحو الآخر. لقد انتبهت المرأة إلى أن القضية التي كانت عقدة في انهزامها وتراجعها أمام الرجل، هي نفسها القضية التي بمقدورها أن تكون فاتحة انتصاراتها وتفوقها وانتقالها من مستوى المنهزم المندحر إلى مستوى المنتصر المتسامي. وفي إثر هذه القضية الأم طرحت الشاعرة و الكاتبة إمهاء مكاوي مجموعة من القضايا كلها من جنس المسكوت عنه؛ أي أنها ترتبط بالصمت في واحد من تجلياته الكثيرة.
وتبقى القصيدة والكلمة الشعرية الطيبة الحُبْلى بالإيحاءات هي الكأس التي تشرب منها الشاعرة (إمهاء مكاوي) (ماء الحياة)؛ على حد تعبير الأنثروبولوجي (كلود بروديل)، فهي دفقُها، وسلاحها الذي تكسر بها جدران الصمت الكئيبة؛ تقول من

قصيدة (أيقونة الفلك):
قصائدي من فلك
آخر أقودها رغم
أنف البعض من الجلادين
في مسار رنين أجراس المجد
وأبوح بالصدق
ولن أتمتم نفاق البروتوكول
وأعلن الخشية والخَجَلْ

وهي نفسها المعاني التي تختلج في صدر الشاعرة التي تكتم سرها ولا تبوح به، وبين ذاك وذاك تعمل جاهدة على أن تكون المرأة الأولى في تكسير حواجز الصمت؛ تقول في نص (كسْر الجناح):

أشق الحجر بالشوق الأسير
وأنت في الأنس تزهو
بالليالي الملاح
عثرات فؤادي تنبض عذبة المعاني
بعبق الورد الفواح
أكتُم سري
ولا أبوح بالشجن
وتعلم أنك
أنت الطبيب الجراحُ

و الشاعرة إمهاء مكاوي هي نفسها المرأة التي تمقت الوشاية، خاصة ممن وجب ان يكون في صفها، معتزل ببنات فكرها، مساندا لجهودها. وموضوعة الوشاية من الموضوعات القليلة جدا التي طرقها (ريبيرتوار) الكتابة؛ سواء تعلق الأمر بكتابة المرأة ام بكتابة الرجل. وهنا بالذات تبرز واحدة من أجل خصوصيات كتابة المرأة وهي المواكبة والمعايشة. وهذا ما وقفت عنده غير ما مرة فيما كتبته بخصوص الكتابة النسائية العربية المعاصرة.
لقد استطاعتِ إمهاء مكاوي الكاتبة العربية المعاصرة ساردةً وشاعرةً، بفضل ما اجتمع لديها من حِسٍّ مرهَفٍ وخيالٍ خِصْبٍ متنوِّعٍ، وذهن ثاقب قادر على استرجاع الأحداث وترتيبها وفق رؤية أنثوية متميزة؛ تقوم على المواكبة والمعايشة ونقل الواقع دون التفريط في جماليات الكتابة التي ظلت في مستوياتها العليا؛ استطاعت بفضل كل هذه الأمور وغيرها أن تخوض في عدد من الموضوعات وأن تطرُقَ عددا من القضايا لم يسبق للرجل أن دخل محرابها أو تَخَيَّلَ نسيج صورها واستعاراتها. وحْدَها المرأةُ الكاتِبَةُ السّاردة والشاعرةُ، استطاعَتْ الأستاذة إمهاء مكاوي أن تَقْتَحِمَ تلك المجالات وتُفَتِّقَ مِنْ أكْمامِها أقاصيصَ ونماذجَ بشريةً رائعةً؛ سواء في مستوى قراءتها، أم في مستوى تأويلها واستنباط الفائدة من شخوصها وأحداثها.

إنَّ خاصية المعايشة والمواكَبَةِ التي صارتْ عنوانا للكتابة بصيغة المؤنث، هي التي زادتْ مِنْ وَهَجِ فِعْلِ الكتابة لدى الشاعرة إمهاء مكاوي وَبَوَّأَتْها المكانة التي تستحقها في عوالم الإبداع الرَّحْبَةِ. لقد استطاعتِ هذه المرأةُ الكاتبةُ أَنْ تنطلق مِنْ ذاتها المكلومة بمختلف الجراحات، ومحيطها القريب منها داخل البيت وفي العمل، وأشيائها الصغيرة في حياتها جسداً وروحا؛ حتى تلك التفاصيل الصغيرة وَقَفَتْ عندها الساردة إمهاء مكاوي وَصَاغَتْ منها موضوعاتٍ؛ عالجتْ مِنْ خلالها جملةً مِنْ عُيوبِ المجتمع، وَكَسَرَتْ بواسطتها عدداً مِنَ الطابوهات التي ظل المجتمع الذكوري حريصاً على السُّكُوتِ عليها وَعَدَمِ الْخَوْضِ فيها.. تقول المبدعة إمهاء مكاوي في قصيدتها (وشاية افتراء):

أيا واشيا عني مترصدا
تَخْتَلِبُ علنا بالأذيةِ تفتخِرُ
فما بالك تشن بالسجن السَّبْيُ
دون حكم القسطاس أفتيت تنذِرُ
فيا ربِّ هل من حكيمٍ يكشف الغَبَشُ؟
ثم تضيف بعد ذلك؛ مفندة مزاعم الواشي:
تَحْتَدُّ شَجَبَا وأنت تُفجِّرُ
من برهانِ القش تفتكُ مُحَجَّلاً
ضعاف العقل مَن اهتزت شتلاته تَكسِرُ
والكذبُ مكشوفٌ مناط الحق يبرزُ
مهما غَمَطَ الظالم بالجحودِ يُحذِّر
لغة الضاد للعربي وللعجمي تباحُ
من قلوبِ الأسد لا تغرنهم ولا تسحِرُ

فرغم المصطلحات التي انتقتها الشاعرة (إمهاء مكاوي)، من قاموس فكرها اللغوي بمستوى البليغ السامي إلا انها تصدر فيها عن طبع عذب جميل و واضح المعنى بطريقة سلسة انسيابية ، تلبي من خلاله خلجات النفس التي تتأثر لأدني شيء يمر من حياتها؛ من ذلك موضوعة (الغدر) التي لها مكان فيما كتبته المبدعة؛ تقول من قصيدة (غدر):

في غورِ بئرٍ عميقةٍ
تنتابني أحاسيس الحيرة
تفضي إلى
الغَضَبْ
تردُ الصدَى وكأنها
تصدحُ من فوهةِ بركانٍ ثائر عن
كثَبْ
لن اصارحك فيه
ما دمتُ واثقةً من الغدرِ
تعكسه مرآة عينيك لتعلن
الشغَبْ

ثم يتواصل الخطاب إلى هذا الشخص الذي كان منه الغدر:
أنت هويت الاستهتار
على أنغامِ موسيقى فيها
أصبح العزف
نشازاً
لترقص عبث البعض من الغربِ دون
صَخَبْ
مهما تقمصتَ دور البراءة
حان وقت السؤال لتنغمر
في عمق جوفك
تَنْشُدُ الهَربْ
لن أشربَ من كأسٍ طعمها كان سماً حنظلاً
ثم يجرفني الهوى
لأحترق به
كحطام الحَطب
ثم تأتي قناعة (إمهاء مكاوي)، بأنها امرأة مختلفة عن كل النساء:
أنا لا أشبه بعض النساء
سأقنع ببرهان من قصدير
مذاقه من عسل الياسمين
أ ليس فؤادي أصله من الثرى؟
إذن فهو من
ذَهبْ
أنرتُ طريقي بقنديلِ تنقيبٍ
ونبراس وميض النور
يشع بحثاً
عن بعض من تاريخ
شهامة العَربْ

من هنا، فإن أَهَمَّ ما تجبُ الإشارة إليه، حين الحديثِ عن الكتابة بصيغة المؤنث، من خلال الموضوعات والقضايا التي باحت بها المبدعة (إمهاء مكاوي) في نصوصها، ذلك التراكم الموضوعاتي و الفكري الذي تتربع عليه المبدعةُ داخل الوطن العربي؛ سواء في مجال الشعر أم في مجال السرد. وهو التراكم الذي جعلها، منذ الْعِقْدَيْنِ الأخيرَيْنِ مِنَ القرن الماضي، والعِقْدِ الأوَّلِ مِنَ الألفية الثالثة، تواكبُ صورا من الحركات الاجتماعية والنجاحات الحقوقية التي شهدها العالم العربي على حد سواء. كُلُّ هذا وغَيْرُهُ، جعلها كامرأة تَكْتُبُ لِتُوَثِّقَ الَّذي حَدَثَ، وتسمو بنفسها إلى معانقة نجاحاتٍ أخرى هي في طريق التحقق. إمهاء مكاوي هي المرأةَ المبدعة لا تكتبُ لأجل الكتابة فقط ، بقدر ما تكتبُ لأجل القضية التي احترقت لأجلها كثيرٌ مِنَ النِّسَاءِ، ولا زلن إلى يومنا هذا يدفعن ضريبة كَوْنِهِنَّ إناث؛ والغريبُ أَنَّ هؤلاء الإناث هُنَّ اللائي أنجبن جَلادِيهِنَّ وَمَنْ يُحاكِمُهُنَّ بِآثامٍ لا يَدَ لَهُنَّ فيها.. وهذا هو دأب النصوص التي قرأت لهذه المرأة المتميزة ببوحها..

ثم إن كتابة الأستاذة (إمهاء مكاوي) نابضة بالأشواق والأحاسيس الجميلة، التي هي أحاسيس الأنثى حين تُشْرِعُ صدرها للحب، وتبوح بما يضطرم بين جوانحها من مشاعر عذبة رقيقة؛ تقول في نص (كسر الجناح):

عقد تحشو أعماقي الدامية
يسري الهوى والعشق في عمقي صداح
لماذا لا تكبل جروحي
لتنتهي مسرحية الغرام
وأنت فيها سوّاح
عيوني تبضع الدموع ولم تفض
كغدير مياه تجول ملء الروابي والبطاح
تسقي ملاهي عشقك
وتنساب تقصف الكيان
وبالنكران تجتاح
أعد أصابعي، وأعاود العد
وأنت تضحي بي لدى قرابين الجن
في صفة إنس والخد تفاح
أشق الحجر بالشوق الأسير
وأنت في الأنس تزهو بالليالي الملاح
ثم تضيف مبرزة لواعج ما تشعر به؛ فيؤرق مضجعها:
عثرات فؤادي
تنبض بعذب المعاني
بعبق الورد الفواح
أكثم سري ولا أبوح بالشجن
وتعلم أنك أنت الطبيب الجراح

تلكم بعض من النظرات في كتابات الشاعرة (إمهاء مكاوي) التي تصدر فيها عن سليقة وطبع واضحين للغاية لكنهما يحملان فكرا خصبا مثيرا و يمتاز بالحركة… سامقا بطريقة فنية بعيدا عن الركود و الجمود و تحمل من بوح أنثى، ترغب في إسماع صوتها، وأن تكون من الواقفات على حد ما عنون بها الإمام (عبد الجبار النِّفَّري) الصوفي، بعد محنة (الحلاج) كتابه المتميز (المواقف والمخاطبات)؛ من الواقفات الكثيرات اللواتي استطعن أن يجعلن من حبرهن (مشكاة) تنير سبيل كل النساء. وهنا بالذات يأتي حديثي عن هذا القالب الواضح و الغني بالحكم و الإثارة… الذي جاءت فيه كتابة الأستاذة (إمهاء مكاوي)؛ وهو قالب تعبيري فيه ما فيه من لوعة الشعر..

أذكر أنني كتبت منذ أكثر من عقديْن من الزمن، ما بينت فيها كيف إن الشعر بمقدوره تجاوز الأشكال المعروفة عنه؛ لمعانقة المضامين والتيمات الكبرى التي يعبر عنها. فقد ظهر واضحا بأن مسألة التجنيس المشهورة التي ألفناها لم تعد قادرة على احتواء الكثير مما يكتبه المبدعون، في الشعر كما في السرد؛ ذلك بأن الشعر لا ينحصر فقط في أن يكون قالبا من كلمات، تُرَصَّفُ تبعا لوزن من الأوزان الشعرية المعروفة عن القدامى؛ نظم عليها الجاهليون كما أبدع في ركابها المحدثون من شعراء العصرين الأموي والعباسي وما تلاهما من عصور الأدب. ثم إن الشعر، مرة أخرى، لا ينحصر فيما جاءت به نازك الملائكة، وقد يكون بدر شاكر السياب سبقها إلى ذلك، من (تكسير البنية) والإبداع وفق رؤية جدية، عُرِفَتْ منتصف القرن الماضي بـ (شعر التفعيلة)، أو (الشعر الحر)، أو (الشعر السطري). لقد كان الشعر ولا يزال تعبيرا عن خلجات النفس الإنسانية. قال سقراط: “لقد أدركت أن الشعراء لا يكتبون الشعر لأنهم حكماء، بل لأن لديهم طبيعة أو هبة قادرة على أن تبعثَ فيه حماسة.”( ). فهم إذن “لا يختلفون عن الأنبياء
والكَهَنَة الذين ينطقون بالكلام الحَسَنِ دون أنْ يعرفوا ماذا يقولون.”( ).
تلكم نظرات في هذه الكتابة المنسابة انسياب الرذاذ على زهر الحدائق؛ كما كانت، ذات أندلس عذبة جميلة فاتنة. وليس بالغريب على (إمهاء مكاوي) أن تكون تلك الجميلة الأندلسية الآتية من بعيد؛ تجري في دمائها دماء ابن زيدون وولادة بنت المستكفي وابن خفاجة وابن شهيد وكل الشعراء والشواعر الذين تغنوا بجمال الأندلس؛ سواء كانت التغني في شعر على طريقة المشارقة، أم في شعر على نظم الموشحات، أم في أغاني شعراء (التروبادور) الجوالين عبر المماليك الأندلسية.
(إمهاء مكاوي) هي زهرة من بساتين الأندلس الفيحاء؛ حيث قصر الحمراء، ومساجد قرطبة، وقصور إشبيلية. هي المرأة التي جاءت لتستوطن الكلمةُ قلبَها، وتستفز مهجتها للكتابة والبوح؛ تطلق جدائلها الطويلة، وتبسط راحتها للآخرين؛ عسى أن تجد في قربهم المحبة التي تتوق إليها وتنشدها كل امرأة في وطنها العربي الكبير من المحيط إلى الخليج..

3) دراسة و قراءة نقدية في كتابات و شعر الأديبة و
الباحثة المغربية ذة.إمهاء مكاوي مؤلفة الديوان
إمهاء مكاوي شاعرة تبوح بأسرار القلب وتكتب بلغة
العطر
بقلم : ذة. أسماء المصلوحي ( كاتبة و ناقدة)

١ – أنيقة مثل رونق الشعر:
سلو قلبي من العشق
ويسقي غور أحزاني
وأجري دمعة حرى
وكان الحزن أبكاني.
عرفتها أنيقة الهندام تماما كرونق الشعر. تتلألأ كنجم شارد في دنيا المعاني. ترتدي قصيدتها فستانا يليق برونق الكلمة. وتمشي فوق الجراح وهامتها مرفوعة ومشرئبه نحو عنان السماء.
إمهاء مكاوي، مجرد اسمها قصيدة تحيل على شروق دون غروب. اسم تحدى العوالم كي يؤكد انتصار الشعر، واندحار القيد محتكما إلى موهبة ثرية لا شيء يقف أمام انطلاقها وجموحها وجنوحها.
تترك في كل ما تخطه بيدها بعضا من بريق شخصيتها. فيصبح المكتوب عنوان المعيش. ويتحول المعاش إلى مدار لإيقاظ المتخيل.
تلك بذورها التي زرعتها في تربة الحياة وفي حقول الكتابة. والشعر شقيق الحياة حين يعبر عن مواجعها بكل ما فيه وفيها من أبعاد ومدارات.
٢ – يقين واقع وجرح أحلام:
تبخترِي يا غجريةً
ودمع الشَّمعِ يسقِي العبادْ
البدرُ المنيرُ لم يكتمل
النِّصف الأَول وهوَ في سُهاد.
حين أقرأ لها وحين أتمدد في معاني شعرها، أعثر على مفاتيح الأنثى التي تبوح بأسرار القلب، وتعتلي سدة الوجدان، من خلال قصائد متوغلة في الذات، مخاطبة للقارئ، تتنفس شعرا.
إمهاء مكاوي مبدعة ترينا فواتن الأنوثة بواسطة شعر يبحر نحو بعيد دون شراع، لأن شراعه هو الكلمة التي تغوص في تجليات المرأة.. حيث يتبدى حضورها كما يغزر يقين واقعها وأحلامها الجريحة.
تبَخترِي وحزن دَمس
الليل يضفي السَّوادْ
وكَم دنَونا من أنينٍ
دون اهتزاز جبال العتادْ
عندَ الدُّجَى يندثرُ المعنَى
والمنَايا تحرقُ الأوتَادْ.
هنا ثمة تقاطع بين لغة ناعمة وأحاسيس حارقة. وبين فرح غائب وغبطة غاربة. إن الشاعرة تغزل جملتها على نحو جميل، يشي بقدرة حبرها على المثول في جميع التجاذبات الوجدانية.
تبخترِي يا شَهرَزاد
فالعمرُ قصيرٌ ولمَاذا العِنادْ ؟
٣ – تجليات في اللغة الرشيقة:
يقيم الشوق في ذكرى
بها تنقاد أشجاني
وكان النجم نشوانا
أحاسيس بوجداني.
تكتب إمهاء بجسدها كله، وتبدع بأحاسيسها الكاملة. لذلك تبدو لنا لغتها – ونحن نقرأ لها كل قصيدة – كأنها قدت من صميمها ومن كلية سريرتها.
هذه الشاعرة التطوانية تنطلق من جراح واقع لا يرتفع، وتعانق مخيالا عالي الصوت وعالي الصدى، وتشرع في ترانيمها كأنها تغني ولا تكتب، وكأنها تشتكي ولا تعبر. وبعد ذلك تمنحنا كل ذلك على شكل قصيدة.
سهرت الليل حيرانا
كقنديل بألوان
وأضحى سحر أحلامي
سمعت الهمس أحياني.
وبدري يلْمَع الكون
وصوت اللحن أنساني.
هنا ثمة اشتغال على لغة الأفئدة لا لغة القواميس. تعبير لغوي يمشي بمعانيه توا إلى انفعالات وإلى مكابدات تكاد تنطق من كثرة الشروق في بلاغتها. لغة تسيج تدفقها بضوع العطور وبنسائم الروح.
أعد الزهر كي أغفو
فأطفي شوق نيراني
متى يوفي بعهده ؟
ملكني مثل أوطاني.
٤ – من خيال عميق إلى جمالية خلاقة:
في قصائد قلبها كثير من التميز في الصورة والعبارة والإيقاع الموسيقي الرنان والفواح. كأن اللحن من يبدع الشعر وليس الكلام. وكأن الكلمة تنصت إلى نفسها قبل أن تنكتب على مسودة الوجدان.هي ذي أسباب تنزيل عوالمها الشعرية التي تسافر بنا باتجاه كل محطات الشجو والوله. سفر شعري له طعم البهاء حين يسفر عن وجهه الصبوح.
لا وجود لغصة غمار
أضلعي تضاهي
الأحزان، وها أنا أترافع
ولا أكترث، و..
أطل أحيانا على جرتي
نظرة متقزمة ثاقبة
وبجعبتها المتدفقة في حشا
الدَّجَلْ.
٥ – نحن بين نارها ومائها:
تقول البهية إمهاء مكاوي:
“أحس كأنني أسبح في الفضاء إلى جانب
المجرات والكواكب والنجوم. أو أبحر في أعماق
البحار مع الحوت والديلفي. أو أحلق مع الشواهين
في سماء الإبداع..”.
لإمهاء شغف لا حد له بثنائية الماء والنار. شعرها يأخذ من ذاك ليمنح لتلك، وفؤادها دوما هناك في كل نص يحمي هذا التداول بين الضدين.
من الماء تتخلق عباراتها ومن النار تأتي دلالاتها. وبينهما تشرئب الشاعرة نحو الذي تراه هي بينهما وقد لا نراه إلا في لحظات القراءة التي مرة تلسعنا كالنار، ومرة تجعلنا نرتعش كأننا برفقة الجليد..!!
الحياة كماء البحر المالح كلما
ازددت منها شربا ازددت عطشا !
حتى آخر ذرة أوكسجين
نستنشقه لنطرق باب
الآجَلْ.
ليس ثمة تناقض بين واقع يتحول إلى خيال، وخيال لا قبل له بواقع. إنها نفس الثنائية تتخذ موضوعا آخر كي يبقى للنار غيابها وللماء حضوره.
بين دروب الأشجان
تسمو رؤى إلهامي
على سطور الخيال الروحي
بعدما ازدادت
جرعات وجعي منذ
الأزَلْ.
٦ – بيني وبينها قصيدة وقراءة:
ماذا بقي علي أن أقول لها، أو أقول لكم، أو أقول لي أنا بالأحرى…؟!؟
لن أثق بنشوة عطر
الرحيق وأحاول
استنشاقه متناسية
وأغض النظر عن
المبدأ والمنطق
وأسترخي مع
كل نطفة هوجاء من
الغَزَلْ.
بيني وبين إمهاء المبدعة النضرة، قصيدة وقراءة وكل التفسير لنا وحدنا. الشعر ذاتي المنزع تتم قراءته في العزلة لا في الزحام.
من هنا كما يبدو لي وقد يبدو لها، لا يمكنني أن أقرأ أشعارها دون هذه المكاشفة البعيدة والسرية بيننا. إذ يعز إيجاد روابط بين قارئة وشاعرة بدون هذا الذي يجمعنا ثم يفرقنا في آن واحد.
حتى وإن تمنيتُ كف يد
صافية حميمية تغمرني بدفء
نواعم الثقة بالحياة مجددا،
دون أوزان على ظهر
جَمَلْ.
٧ – قرأتها وكتبتها بلا انصراف:
هذه شاعرة تشبه قصيدتها.
بل تتطابق معها.
حين أقرأ لها لا أود الانصراف أبدا.
وحين أكتب عنها لا أبتغي الذهاب أيضا.
إذن…
ما العمل يا إمهاء ؟!

أشعار إمهاء مكاوي في عيون نقاد عرب

1-رؤية و شهادة الأديبة الكويتية القديرة الدكتورة هيفاء السنعوسي (أستاذة الأدب و علم النفس
بجامعة دولة الكويت) في كتابات و أشعار الشاعرة
إمهاء مكاوي

المبدعة المغربية الأستاذة إمهاء مكاوي فراشة تطوان التي تعزف سمفونية الحب الجميل بين وطنها المغرب و الكويت الشقيقة ، فهي تفخر بمغربيتها ولكن قلبها ينبض حبا ، فينثر زهور السلام و الود، الذي لا يفنى بين ثنايا الدروب ، فتتعطر الفضاءات و تنتشي و تزهو ، و تصاحبها غيوم النوايا البيضاء
التي تمطر حبا يغسل قلوب البشر ، و يكسر الحواجز، و هكذا كانت فراشة تطوان جسرا بين المغرب و الكويت بقلب أنثى رقيقة تغزل بخيوط ذهبية ، حروفا سامية فتبوح بعشق الوطن، و تعلن حب الكويت.

2 . الأديبة إمهاء مكاوي لها قدرة خارقة و نابغة في النظم.. اسم يلمع في سماء الأدب في بلاد المغرب والاندلس لديها
رصيد ثقافي كبير وموروث علمي واسع برعت في الشعر العمودي الموزون والنثري والومضة ولها اصدارات متعددة نشرت في الصحف والمجلات العربية والعالمية .
تمتلك الشاعرة امهاء مكاوي قدرة فائقة على الحوار وربط الاسباب بالنتائج كما تمتلك ثروة لغوية فائقة وتمسك جيدا بزمام اللغة العربية -لذا جاءت الالفاظ سهلة وعذبة تلائم الغرض نفسه
بقلم الأستاذ المصري د. ناجي عبد العاطي، موجه أول لغة عربية بوزارة التربية الوطنية و التعليم بجمهورية مصر العربية

١. يسعدني كثيراً ان اتقدم بهذه القراءة النقدية للشاعرة المغربية إمهاء مكاوي في قصائدها و روائعها التحف الثمينة “وشاية افتراء” و ” ملكني..” و ” لنتسامح..”
وإليكم النص :

وشاية افتراء

أيا واشيا عني مترصدا
تَخْتَلِبُ علنا بالأذيةِ تفتخِرُ

فما بالك تشن بالسجن السَّبْيُ
دون حكم القسطاس افْتَأَتَ تنذِرُ

فيا ربِّ هل من حكيمٍ يكشف الغَبَشُ؟
تَحْتَدُّ شَجَبَا و أنت تُفجِّرُ

من برهانِ القش تفتكُ مُحَجَّلاً
ضعاف العقل و مَنْ اهتزت شتلاته تَكسِرُ

و الكذبُ مكشوفٌ مناط الحق يبرزُ
مهما غَمَطَ الظالم بالجحودِ يُحذِّر

لغة الضاد للعربي و للعجمي تباحُ
من قلوبِ الأسد لا تغرنهم و لا تسحِرُ

و القاضي يحكم عدل القصاص بعد إنصاته
لقول الظنين و إن رسب يجلد و يأسِرُ

وكم من ذئابٍ تعج و تخطط عدوانا
يوم الحساب مكيال الله يُبصِرُ

بقلم: الأديبة و الباحثة المغربية إمهاء مكاوي
=====/////=====
التعريف بالشاعرة :الأديبة الباحثة المغربية :إمهاء مكاوي حاصلة على الماجستير في تسيير المقاولات وباحثة في الدكتوراه نابغة في نظم الشعر لها ديوانان :زئير الموج – نيران لا تحرق – مع مجموعة من التأملات والحوارات الشعرية .
– اختيار العنوان :
===///===
-وشاية افتراء عنوان مثير للدهشة فيه إيجاز بحذف المبتدأ تقديره هذه وشاية افتراء وكلمة وشاية توحي بالتنفير من الاخلاق الفاسدة واضافة افتراء لوشاية يوحي بتأكيد الكذب والافتراء والعدوان على الاخرين –
تحليل النص :
==//==
تسيطر على الشاعرة عاطفة الكراهية للوشاة المفترين وعاطفة الحب للأخلاق الكريمة فتبدأ الشاعرة بالنداء على الواشي المترصد لها المختلب علنا المفتخر بالأذية-ثم تصب الشاعرة اللوم والعتاب على الواشي الذي تسبب بوشايته في دخول السجن دون سابقة عدل أو انذار – ثم تتضرع الشاعر ة الى الله ان يظهر الحق ويشجب الباطل ويفجر الافتراء على يد الحكماء – وانت ايها الواشي تستغل ضعاف العقول ومن اهتزت ضمائرهم – والكذب مكشوف امام الحق مهما حاول الظالمون اخفاءه بجحودهم – فصوت الحق يعلو دائما بالعربية والعجمي مهما حاول الوشاة كتمانه – والقاضي يحكم بالعدل بعد الاستماع الى الخصمين ويقتص من الجاني بالجلد أو الأسر – وكم من وشاة كالذئاب تدبر المكايد والعدوان ويوم القيامة يظهرها الله بميزان العدل-
-التعليق العام :
==//==
عندما يقف الناقد امام امهاء مكاوي فلابد ان يتسلح بكل ادوات النقد الحديثة مع الالمام بمعاجم اللغة :جاءت بعض الالفاظ معجمية صارخة غامضة مستعصية لفهم معناها وتحتاج الي معاجم مثل : تختلب – السبي -القسطاس – الغبش – والشجب – محجلا -مناط – غمط -تعج –
وجاءت الاساليب قوية ومتنوعة بين الخبرية والانشائية :الانشائية مثل :النداء أيا واشيا- -يارب -التي تفيد التنبيه والتضرع كما حلقت الشاعرة بخيالها الواسع لتأتي بالصور البلاغية الرائعة التي تخدم المعنى مثل :يكشف الغبش استعارة مكنية جميلة فيها تجسيد للشيء المعنوي في صورة حسية رائعة – ذئاب استعارة تصريحية عن الوشاة المجرمين توضح المعنى وتؤكده – كما جاءت الشاعرة بالكثير من المحسنات البديعية والزينة اللفظية الرائعة مثل :الحق ×الظلم -العرب×العجم استخدام التضاد الذي يقوي المعنى ويوضحه – والقصيدة تبدو في جملتها قطعة موسيقية لموسيقار بارع او لوحة فنية لرسام ماهر بما فيها من حسن تقسيم واستخدام للحروف المتناغمة وموسيقا الكلمات-
تعقيب :
==//==
القصيدة عمل فني رائع ومتكامل خالية من السلبيات – واتقدم بخالص الشكر والتقدير للشاعرة المغربية المتميزة امهاء مكاوي واتمنى لها دوام التالق والابداع .
٢. يسعدني كثيرا ان التقي والشاعرة الباحثة المغربية /إمهاء مكاوي لأقدم لها دراسة نقدية متطورة حول قصيدتها الرائعة العمودية التقليدية على بحر الهزج تحت عنوان “ملكني”: واليكم النص :
ملكني..

شعر تقليدي عروضي عمودي على وزن بحر الهزج للأديبة و الباحثة المغربية إمهاء مكاوي

يهيمُ الشَّوْق في ذكرى
بها تنقاد أشجاني

و كان النّجم نشوانا
أحاسيسٌ بوجداني

سَهَرت الليل حيرانا
كقنديلٍ بألوانِ

و أضحى سِحْر أحلامي
سمعت الهمْس أحياني

و بدري يلْمَع اُلْكون
و صوت اللّحن أنساني

و إبحاري لأشعاري
بأوتارٍ و أوزاني

وهمس الشعر تأريخي
و وهج الحب إيماني

سلو قلبي من العشْقِ
و يسقي غور أحزاني

و أجري دمعة حرّى
و كان الحزن أبكاني

أعدّ الزّهر كي أغفو
لأطفي شوق نيراني

متى يوفي بعهده ؟
ملكْني مثْل أوطاني
التعريف بالشاعرة :
إمهاء مكاوي اسم يلمع في سماء الأدب في بلاد المغرب والاندلس حاصلة على شهادة الماجستير وتستعد للدكتوراه لديها رصيد
ثقافي كبير وموروث علمي واسع برعت في الشعر العمودي الموزون والنثري والومضة ولها اصدارات متعددة نشرت في الصحف والمجلات العربية والعالمية .
اختيار العنوان :
“ملكني”:
عنوان رائع يوحي بالإثارة والدهشة ويدل على ملكية المحبوب لحبيبته وأحاطته بها احاطة شاملة والسيطرة على مفاصلها .
تحليل النص :
تسيطر على الشاعرة حالة من الهيام والعشق تجعلها تعيش منقادة بعواطفها وأشجانها ألى ذكرى المحبوب –
وهذه الذكرى تسلمها الى حالة من العشق تحلق بها في السماء فترى النجم فرحا من أحاسيسها ووجدانها –
وتسهر الليل حائرة مثل مصباح تعددت ألوانه – واصبحت الآمال سحرا يهمس ويحييها
-وتصور الشاعرة حبيبها بالبدر الذي يلمع فيضيء الكون وتقول صوته الجميل انساني همومي وأحزاني -فسرت أبحر في بحور الشعر بالأوزان والقوافي -واكتب التاريخ بأشعاري مؤمنة بعظمة هذا الحب – تنتقل الشاعرة الى تأثير الحب عليها فتسأل قلبها وقد امتلأ وارتوى عشقا وتخلص ممافيه من أحزان –
وكيف لا وقد أبكاها هذا الحزن وأجرى دمعها – وانا احاول ان اغفو ولو لحظة وأطفئ نيران شوقي – وتتعلق الشاعرة بالأمل في عودة حبيبها والوفاء بعهده -لأنه ملكها كما يمتلكها وطنها الذي عاشت فيه .
تعليق عام :
===//===
-أبدعت الشاعرة في اختيار الالفاظ المعبرة عن العشق والهيام : مثل يهيم الشوق -والنجم نشوان -قنديل بألوان – صوت اللحن وهمس الشعر – شوق نيراني .
كما جاءت الالفاظ معبرة عن عاطفة الحزن والاسى عند غياب الحبيب :مثل :غور احزاني – أجرى دمعي -سهرت الليل حيران -وكلها الفاظ معبرة عن الحيرة والقلق والحزن -وتألقت إمهاء في رسم الصور البلاغية التي تخدم المعنى : مثل : النجم نشوان -سمعت الهمس -سلو قلبي كلها استعارات مكنية تفيد
التشخيص والتجسيد والتوضيح -كما جاءت الاساليب متنوعة بين الخبر والانشاء .
الامر سلو قلبي -ومتى يوفى بعهده -وهي توحي بشدة الالم والامل.
:تمتلك الشاعرة قدرة فائقة على الحوار وربط الاسباب بالنتائج كما تمتلك ثروة لغوية فائقة وتمسك جيدا بزمام اللغة العربية -لذا جاءت الالفاظ سهلة وعذبة تلائم الغرض نفسه الشوق والحب الذي ملكها وسيطر على جوانحها فأصبحت مملوكة للحب أسيرة له .
تعقيب :
-امهاء مكاوي تستحق كل تقدير واحترام لانها من شعراء الطبقة الاولى في العصر الحديث تعرفها المحافل الدولية والصحف والمجلات العربية لها مني كل التأييد والتشجيع والشكر على هذا العطاء المتميز وأتمنى لها دوام التألق والابداع ..

٣. إنه لمن دواعي سروري وسعادتي أن ألتقي دائماً مع حمامة السلام وأيقونة الحب والوئام الباحثة الشاعرة المغربية إمهاء مكاوي في لقاء جديد وقراءة نقدية عالمية متطورة حول قصيدتها الرائعة الفائزة بالمركز الأول أمام الأمم المتحدة والتي نشرت بالإنجليزية في جميع أنحاء العالم تحت عنوان “لنتسامح”:
وإليكم نص القصيدة :

لنتسامح…
قصيدة شعر للأديبة و الباحثة المغربية إمهاء مكاوي/المغرب
القصيدة التي اختيرت من طرف الشرفاء العلويين و ممثلي اليوم الدولي للتسامح و التعايش أمام الأمم المتحدة لترجمتها إلى اللغة الإنجليزية مع نشرها

سَلاَمٌ صَفْحٌ جَالَ كُلَ الفَضَاء

سَمَاحَةٌ وَ عَفْوٌ حِلْم و عَطَاء

يُنَادَى بِهِ الأَفْرَاد بِثَوْبِ الإِرْتِقَاء

كَفَانَا عُنْفَا تَعَصُبًا تَطَرُفًا وَ اِجْتلاء

مَهْماَ تَنَوَعْناَ أَلْوَانا فِي الأَجْوَاء

مَهْمَا تَعَدَدَتِ الدِيَانَات بالأعراق و الإنتماء

مَهْماَ غَمُرَ و صاَحَ صَدْح الأَسْمَاء

فَالتَساَمُح مِكْياَل الوِدِ و الصَّفاَء

فَالإِنْسَانِيَة ومَاضَة بِمَباَدِئِ الإِخَاء

هِي َ انْتِهاَجُ الأَخْلاَقِ و المَنْطِقِ البَنَاء

تَلاَحُم و تَوَاؤُم التَواَدِ عَدْل و رَفَاء

تَعَاطُفٌ و قِيَمٌ و سِماَتُ الهَناَء

جِسْرُ المَحَبَةِ تَماَسُكٌ و وَفاَءِ

دَيْمُومَةُ سَيْمفونِيَة الحَياَةِ الحَسْناَءِ

فَاقَ حُسْنُهَا الخَيَال و البَهَاءِ

عاَشَت الاُمَة هُياَمَ اَمَل و سَناءِ

الحب و السلام بالحمامةِ البيضاءِ

سَلاَمٌ صَفْحٌ جَال كُلَ الفَضَاء
بقلمي :إمهاء مكاوي
^^^^^^^^^^^^^^^^^^
التعريف بالشاعرة :
^^^^^^^^^^^^^^^
إمهاء مكاوي الأديبة الباحثة الكاتبة الشاعرة المغربية فراشة المغرب وحمامة السلام والحب والتسامح والتفاؤل حاصلة على الماجستير وتستعد للدكتوراه تشهد لها المحافل الدولية بالكفاءة والنبوغ والتميز نالت الكثير من الشهادات التقديرية والتكريمات من رؤساء الصحف والمجلات المحلية والدولية تنشر السلام وتدعو الى الحب والتسامح بين الشعوب ونبذ الفرقة والخلاف لها ديوانان من الشعر : زئير الموج -ونيران لا تحرق وكتابات أخرى كثيرة .تنحدر من أصول اندلسية وهي سفيرة السلام العالمي.

اختيار العنوان :

اختيار رائع وموفق فيه ايجاز وعمق في المعنى كلمة واحدة تشمل معنى الطلب والحث والنصح وفي مضمونها دعوة الى التسامح والعفو والصفح ونبذ الخلافات والمشاحنات والعيش في حب ووئام وأبدعت في التعبير بلام الأمر الدالة على الطلب “لنتسامح”.
تحليل النص :

تتألق الشاعرة مغردة في دعوتها إلى السلام المنشود الذي تسعى إليه بأنه سلام صفح وعفو يعم أنحاء الفضاء – سلام فيه السماحة والعفو والحلم والعطاء -سلام ينادي فيه الافراد بكل عزة وارتقاء تاركين فيه العنف والتعصب والتطرف والاختلاف – سلام لا يعرف التفرقة العنصرية بين ألوان البشر ولا يعرف التعصب الديني البغيض أو الانتماء العرقي – فمهما ارتفعت أصوات المتكبرين فالتسامح مكيال الود والمحبة والصفاء – وسعادة الانسانية تكمن في مبادئ الإخاء واتخاذ الأخلاق منهجاً والمنطق البناء – وتدعو الشاعرة الى التمسك بمكارم الأخلاق من تلاحم وتواؤم ومودة وعدل -فان التعاطف والقيم الرفيعة من علامات السعادة والهناء -وأن التماسك والوفاء هما الجسر الموصل الى المحبة والوئام واستمرار ذلك هو بمثابة سيمفونية الحياة السعيدة وتغرد الشاعرة في وصف الحياة السعيدة في ظل التسامح والوئام بأنها تفوق في حسنها الخيال والبهاء ويظللها الأمل والسناء – وترفرف عليها الحمامة البيضاء بالحب والسلام وتختم الشاعرة
بما بدأت به بأنه سلام شامل بالصفح يعم كل أرجاء البلاد .