مراسلون24 – متابعات
تناولت مجلة “نيوزويك” الأمريكية عبر مقال للكاتب المصري أسامة جاويش الوضع في مصر وذلك بالتزامن مع الذكرى السادسة لمذبحة رابعة.
وتحدث شاويش عن الأوضاع الإنسانية والانتهاكات الحاصلة بعد الانقلاب، فضلا عن قمع الإعلام وتحويل منصاته لأبواق ناطقة باسم النظام.
وبدأ الكاتب حديثه بقوله: “في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام، انقض بلطجية الرئيس الحالي، الجنرال السابق عبد الفتاح السيسي، على ميداني رابعة والنهضة، وقتلوا تسعمئة من المتظاهرين السلميين، فيما اعتبرته منظمة هيومان رايتس واتش واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في يوم واحد في التاريخ المعاصر، وما يمكن أن يعتبر جريمة ضد الإنسانية”.
ويضيف: “ما لبث جنون العظمة والعنف الذي أظهره السيسي خلال الأيام التي سبقت المذبحة وأثناءها أن استمر، ولو بأشكال مختلفة. فقد تعرضت البلد منذ ذلك الحين إلى نوع من الخنق البطيء المستمر دونما توقف، الذي لا يمكن أن يصدر إلا عن حالة من الطغيان، ويتمثل في قوانين تزيد من تقييد الحريات وقمع مستمر ومتعاظم، وتداعيات في غاية الخطورة تعود على كل من يتجرأ على تحدي الدولة، الأمر الذي جعل منظمة العفو الدولية تصف مصر بأنها سجن مفتوح”.
ووفق “عربي21” انتقد المقال الحريات الإعلامية في مصر في عهد السيسي، وقالت إن “السيسي عمل على تحويل وسائل الإعلام المصرية إلى ناطق باسم الدولة. ولذلك يمارس منتجو البرامج التلفزيونية رقابة ذاتية، أو يشيدون دوما بالنظام؛ خشية أن ينالهم بطشه. وهذا أمر في غاية الخطورة، خاصة في بلد يعاني أكثر من ربع السكان فيه من الأمية، وذلك أن منتجي البرامج التلفزيونية هم من يشكلون الرأي العام. وحتى داخل ملاعب كرة القدم يتم سحق كل مظهر من مظاهر المعارضة، ولا أدل على ذلك من أنه حينما صفق المشجعون لمحمد أبو تريكة أثناء دوري كأس أفريقيا، استخدمت الطيارات السيارة للتعرف عليهم وتحديد هوياتهم”.
وأكد أن “مصر تتفوق على كل دول العالم الأخرى في عدد من تسجنهم السلطات بتهمة الترويج لأخبار كاذبة”.
كما انتقد جاويش في مقاله في المجلة استخدام السيسي للإرهاب كـ”شماعة لتبرير ما يرتكبه من جرائم. فذلك هو السبب في الحرب الخفية التي تدور رحاها داخل شبه جزيرة سيناء، وفي الاحتجاز الجماعي لما يقرب من ستين ألف سجين رأي، وفي البطش الذي تمارسه قواته الأمنية. وتلك هي الوسيلة التي من خلالها يبرر داعمو السيسي الدوليون -ضمنيا أو سوى ذلك- مباركتهم المستمرة لرجل بدأ عهده بارتكاب جريمة قتل جماعية. كان جديرا بهم أن يعلموا، كما يخبرنا التاريخ، أن أي رجل يمارس مثل هذه الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية ليس من النوع الذي يؤمن بالحقوق السيادية للفرد. منذ ذلك اليوم الأسود قبل ستة أعوام في القاهرة، لم تتوقف أعمال العنف بشكل أو بآخر، عدوانا على الأبدان والأنفس والأرواح”.
ويمضي جاويش في وصف حال مصر: “ومن السمات الخبيثة بشكل خاص في مصر السيسي أن الدولة القمعية نفسها تمنح الأمل الوحيد في الخلاص. ومن يرغبون في الهرب من أوضاعهم وتحسين ظروفهم، فبإمكانهم أن يفعلوا ذلك من خلال التقرب من الظالم، وتعزيز علاقتهم به”.
ويضيف: “لا يزدهر في مصر الحديثة سوى جهاز الدولة المتضخم – الحكومة والجيش ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة. ومن ينضمون إليها يتوجب عليهم إذن أن يبرموا اتفاقا مع الشيطان، حيث يتخلون عن إدراكهم لما هو صواب وخطأ، ولما هو حق وباطل، في سبيل التخلص من السلاسل التي تقيدهم”.
ويختم الكاتب مقاله بقوله: لا يتمثل الرعب في مصر السيسي فقط فيما يقع يوميا من توحش وجنوح وإفقار ومعاناة، وإنما أيضا في إمكانية واحتمال أن تتردى الأمور إلى ما هو أسوأ من ذلك. ثمة احتمال بأن ترتكب في مصر هذا العام مذبحة كبيرة، بحسب ما ورد في تقرير مشروع التحذير المبكر. وبناء عليه، يتوقع البعض أن تصبح مصر الدولة الفاشلة التالية في العالم. وحينما يفشل بلد تعداد سكانه مئة مليون نسمة تقريبا، فإن العواقب ستكون وخيمة جدا، لدرجة أنها تستعصي على الوصف”.
“بعد مرور ستة أعوام على مذبحة القاهرة، تطالب مصر بحرقة بالديمقراطية. ففي غياب الديمقراطية خلال السنين السابقة منذ الانقلاب العسكري في عام 2013، أقام السيسي امبراطورية من الأكاذيب، وبات تزوير الانتخابات هو الأصل، وشاع الاختفاء القسري والتعذيب، ولم يعد ثمة وجود لحرية الكلام والتعبير والتجمع. فبالنسبة للسيسي، يبدو أن الحرب هي السلام، والحرية هي الاسترقاق، والجهل هو القوة”.